الْأَخْذِ، وَعِنْدَ ذَلِكَ، الْأَخْذُ مُتَعَيَّنٌ مَعْلُومٌ. وَكَانَ الْمَالِكُ بِهَذَا اللَّفْظِ. أَبَاحَ أَخْذَهُ عَلَى وَجْهِ الْهِبَةِ مِنْهُ، وَهَذِهِ الْإِبَاحَةُ تَثْبُتُ مَعَ الْجَهَالَةِ.
أَصْلُهُ: مَا رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ قُرْطٍ الثُّمَالِيُّ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «أَفْضَلُ الْأَيَّامِ يَوْمُ النَّحْرِ، ثُمَّ يَوْمُ الْقَرِّ» .
يَعْنِي الثَّانِيَ مِنْ أَيَّامِ النَّحْرِ - لِأَنَّ الْحَاجَّ يَقِرُّونَ فِيهِ بِمِنًى.
قَالَ: «وَقُرِّبَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَدَنَاتٌ خَمْسًا أَوْ سِتًّا، فَطَفِقْنَ يَزْدَلِفْنَ إلَيْهِ بِأَيَّتِهِنَّ يَبْدَأُ. فَلَمَّا وَجَبَتْ جَنُوبُهَا قَالَ كَلِمَةً لَا أَفْهَمُهَا. فَسَأَلَتْ بَعْضَ مَنْ يَلِيهِ: مَاذَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ، فَقَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: مَنْ شَاءَ اقْتَطَعَ» .
فَهَذِهِ إبَاحَةُ الْأَخْذِ عَلَى (ص 268) وَجْهِ التَّمْلِيكِ، وَالِانْتِفَاعِ بِالْمَأْخُوذِ، أَوْجَبَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعَ الْجَهَالَةِ.
فَمَا يَكُونُ مِنْ هَذَا الْجِنْسِ يَتَعَدَّى إلَيْهِ حُكْمُ هَذَا النَّصِّ.
يُقَرِّرُهُ أَنَّ مُجَرَّدَ الْإِلْقَاءِ بِغَيْرِ كَلَامٍ يُفِيدُ هَذَا الْحُكْمَ. فَإِنَّ الْإِنْسَانَ يَنْثُرُ السُّكْرَ وَالدَّرَاهِمَ فِي الْعُرْسِ وَغَيْرِهِ، وَكُلُّ مَنْ أَخَذَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ يَصِيرُ مَمْلُوكًا لَهُ، وَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَتَكَلَّمَ النَّاثِرُ بِشَيْءٍ.
وَقِيلَ: بِأَنَّ الْحَالَ دَلِيلٌ عَلَى الْإِذْنِ فِي الْأَخْذِ. فَإِذَا وُجِدَ التَّصْرِيحُ بِالْإِذْنِ فِي الْأَخْذِ؛ فَلَأَنْ يَثْبُتَ هَذَا الْحُكْمُ كَانَ أَوْلَى.
وَعَلَى هَذَا لَوْ وَضَعَ الْإِنْسَانُ الْمَاءَ وَالْجَمَدَ عَلَى بَابِ دَارِهِ فَإِنَّهُ يُبَاحُ