فَإِذَا أَبَوْا الْإِسْلَامَ قُوتِلُوا غَيْرَ أَنْ يُعْرِضَ عَلَيْهِمْ إعْطَاءَ الْجِزْيَةِ. وَإِنْ قَاتَلُوهُمْ قَبْلَ الدَّعْوَةِ فَقَتَلُوهُمْ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ مِنْ دِيَةٍ وَلَا كَفَّارَةٍ. لِأَنَّ وُجُوبَ ذَلِكَ يَعْتَمِدُ الْإِحْرَازَ، وَذَلِكَ بِدَارِ الْإِسْلَامِ أَوْ الدِّينِ عَلَى حَسَبِ مَا اخْتَلَفُوا فِيهِ. فَأَمَّا مُجَرَّدُ النَّهْيِ عَنْ الْقَتْلِ بِدُونِ الْإِحْرَازِ لَا يُوجِبُ الدِّيَةَ وَالْكَفَّارَةَ كَمَا فِي نِسَاءِ أَهْلِ الْحَرْبِ وَذَرَارِيِّهِمْ. وَهَذَا لِأَنَّ مُوجِبَ النَّهْيِ الِانْتِهَاءُ لَا غَيْرُ، وَيَقُومُ الْمَحَلُّ حُكِمَ (؟) وَرَاءَ ذَلِكَ.
61 - فَإِنْ بَلَّغَهُمْ الدَّعْوَةَ فَإِنْ شَاءَ الْمُسْلِمُونَ دَعَوْهُمْ دُعَاءً مُسْتَقْبَلًا عَلَى سَبِيلِ الْإِعْذَارِ وَالْإِنْذَارِ، وَإِنْ شَاءُوا قَاتَلُوهُمْ بِغَيْرِ دَعْوَةٍ لِعِلْمِهِمْ بِمَا يُطْلَبُ مِنْهُمْ. وَرُبَّمَا يَكُونُ فِي تَقْدِيمِ الدُّعَاءِ (30 ب) ضَرَرٌ بِالْمُسْلِمِينَ، فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يُقَاتِلُوهُمْ مِنْ غَيْرِ دَعْوَةٍ. وَاَلَّذِي رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَنْ قَالَ: «مَا قَاتَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَوْمًا حَتَّى يَدْعُوهُمْ» .
وَعَنْ طَلْحَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يُقَاتِلُ الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يَدْعُوَهُمْ» . فَتَأْوِيلُهُ مَا قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي كِتَابِهِ:
62 - إنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوَّلُ مَنْ جَاءَهُمْ بِالْإِسْلَامِ فِي ذَلِكَ