دَلَّنَا مِنْكُمْ عَلَى عَشْرَةِ أَرْؤُسٍ فَهُوَ حُرٌّ. فَدَلَّهُمْ رَجُلٌ بِكَلَامٍ وَلَمْ يَذْهَبْ مَعَهُمْ، فَوَجَدُوا الْأَمْرَ كَمَا وَصَفَ لَهُمْ، فَهُوَ حُرٌّ. .
لِأَنَّ هَذَا تَعْلِيقُ عِتْقِهِ بِالشَّرْطِ، فَيُرَاعَى وُجُودُ الشَّرْطِ فِيهِ حَقِيقَةً. وَبِالدَّلَالَةِ بِالْوَصْفِ يَتِمُّ الشَّرْطُ حَقِيقَةً. وَهَذَا لِأَنَّ الْإِمَامَ مَا أَوْجَبَ لَهُ هُنَا شَيْئًا لَا يُسْتَحَقُّ إلَّا بِعَمَلٍ، فَلَا حَاجَةَ بِنَا إلَى تَرْكِ حَقِيقَةَ الدَّلَالَةِ هُنَا، بِخِلَافِ الْأَوَّلِ فَقَدْ أَوْجَبَ لَهُ هُنَاكَ نَفْلًا لَا يُسْتَحَقُّ إلَّا بِالْعَمَلِ. فَلِأَجَلِهِ تَرَكْنَا حَقِيقَةَ لَفْظِ الدَّلَالَةِ، وَحَمَلْنَاهُ عَلَى نَوْعٍ مِنْ الْمَجَازِ.
- ثُمَّ لَا يُتْرَكُ هَذَا الْأَسِيرُ يَرْجِعُ إلَى دَارِهِ، وَلَكِنَّهُ يَخْرُجُ إلَى دَارِنَا لِيَكُونَ ذِمَّةً لَنَا.
لِأَنَّهُ بِالْأَسْرِ قَدْ اُحْتُبِسَ عِنْدَنَا، وَإِنَّمَا أَوْجَبَ لَهُ بِالدَّلَالَةِ الْحُرِّيَّةَ، وَلَيْسَ مِنْ ضَرُورَتِهِ التَّمَكُّنُ مِنْ الرُّجُوعِ إلَى دَارِهِ.
- وَيَسْتَوِي فِي هَذَا الْحُكْمِ إنْ ذَهَبَ مَعَهُمْ أَوْ لَمْ يَذْهَبْ إلَّا أَنْ يَقُولَ: إنْ دَلَلْتُكُمْ فَأَنَا حُرٌّ وَتَدَعُونِي أَرْجِعُ إلَى بِلَادِي. فَحِينَئِذٍ يُوَفَّى لَهُ بِالشَّرْطِ، وَيُمَكَّنُ مِنْ الرُّجُوعِ إلَى بَلَدِهِ إنْ أَحَبَّ.
لِأَنَّ هَذَا بِمَنْزِلَةِ صُلْحٍ جَرَى بَيْنَ الْإِمَامِ وَبَيْنَهُ. وَفِي الصُّلْحِ يَجِبُ الْوَفَاءُ بِالشَّرْطِ.
- إلَّا أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِلْأَمِيرِ أَنْ يَفْعَلَ هَذَا إلَّا أَنْ يَكُونَ فِيهِ حَظٌّ لِلْمُسْلِمِينَ.