وَعِنْدَ الْكَثْرَةِ الشَّرِكَةُ عَامَّةٌ، فَيَمْنَعُ ذَلِكَ ثُبُوتَ الْمِلْكِ. بِمَنْزِلَةِ شَرِكَةِ الْمُسْلِمِينَ فِي بَيْتِ الْمَالِ وَشَرِكَةِ الْغَانِمِينَ فِي الْغَنِيمَةِ.
فَإِنْ قِيلَ: فَمَا الْحَدُّ الْفَاصِلُ بَيْنَ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ فِي ذَلِكَ؟ قُلْنَا: قَدْ ذَكَرَ فِي ذَلِكَ وُجُوهًا كُلَّهَا مُحْتَمَلَةً.
1068 - أَحَدُهَا: أَنَّهُمْ إذَا كَانُوا أَقَلَّ مِنْ تِسْعَةٍ جَازَ عِتْقُهُمْ، وَإِنْ كَانُوا تِسْعَةً فَصَاعِدًا لَمْ يَجُزْ. لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعَثَ تِسْعَةً سَرِيَّةً.
وَلِأَنَّ الْجَمْعَ فِي حَدِّ الْكَثْرَةِ وَالْقِلَّةِ جَمْعٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. فَالتِّسْعَةُ تَكُونُ جَمْعَ الْجَمْعِ.
وَالثَّانِي: أَنَّهُمْ إذَا كَانُوا أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعِينَ جَازَ عِتْقُهُمْ.
لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّمَا أَظْهَرَ الدُّعَاءَ إلَى الدِّينِ بِمَكَّةَ حِينَ تَمُّوا أَرْبَعِينَ بِإِسْلَامِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -.
فَتَبَيَّنَ بِهَذَا أَنَّ الْأَرْبَعِينَ أَهْلُ عِزَّةٍ وَمَنَعَةٍ. فَقَدْ كَانَ «دَعَا رَسُولُ اللَّهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فَقَالَ: اللَّهُمَّ أَعِزَّ الْإِسْلَامَ بِأَحَبِّ الرَّجُلَيْنِ إلَيْك» . وَالْعِزَّةُ وَالْمَنَعَةُ إنَّمَا تَحْصُلُ بِالْعَدَدِ الْكَثِيرِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ.
وَالثَّالِثُ: أَنَّهُمْ إنْ كَانُوا أَقَلَّ مِنْ مِائَةٍ جَازَ عِتْقُهُمْ.
لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: {الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ