مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ نَفْلُ السَّرِيَّةِ الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّ تَنْفِيلَ أَمِيرِ السَّرِيَّةِ الْأُولَى إنَّمَا يَجُوزُ فِي حِصَّةِ أَصْحَابِهِ خَاصَّةً مِنْ النَّفْلِ وَالْغَنِيمَةِ جَمِيعًا دُونَ حِصَّةِ أَهْلِ الْعَسْكَرِ.
فَإِذَا تَبَيَّنَ مِنْ ذَلِكَ حِصَّتَهُمْ يُعْطِي مِنْ ذَلِكَ نَفْلَ السَّرِيَّةِ الثَّانِيَةِ.
فَإِنْ كَانَ يَأْتِي ذَلِكَ عَلَى جَمِيعِ حِصَّتِهِمْ وَيَفْضُلُ أَيْضًا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ مِنْ الْفَضْلِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لِأَمِيرِهِمْ عَلَى حِصَّةِ أَهْلِ الْعَسْكَرِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ أَمِيرُ الْعَسْكَرِ أَذِنَ لَهُ فِي التَّنْفِيلِ، فَحِينَئِذٍ هُوَ نَائِبٌ عَنْ الْأَمِيرِ يَنْفُذُ تَنْفِيلُهُ لِلسَّرِيَّةِ الثَّانِيَةِ فِي حَقِّ جَمِيعِ أَهْلِ الْعَسْكَرِ.
وَالْفَصْلُ الثَّانِي: فِيمَا إذَا لَمْ يَلْقَوْا أَهْلَ الْعَسْكَرِ حَتَّى خَرَجُوا إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ. فَهَاهُنَا يَبْطُلُ نَفْلُ السَّرِيَّةِ الْأُولَى؛ لِأَنَّ الْحَقَّ فِي الْمُصَابِ لَهُمْ خَاصَّةً، وَالنَّفَلُ الْعَامُّ فِي مِثْلِهِ بَاطِلٌ. كَمَا لَوْ كَانُوا بَعَثُوا مِنْ دَارِ الْإِسْلَامِ. وَجَازَ نَفْلُ السَّرِيَّةِ الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّهُمْ بِمَنْزِلَةِ سَرِيَّةٍ مَبْعُوثَةٍ مِنْ جَيْشٍ فِي دَارِ الْحَرْبِ. وَقَدْ نَفَّلَ لَهُمْ أَمِيرُهُمْ. فَيُعْطِيهِمْ النَّفَلَ مِنْ الْمُصَابِ أَوَّلًا ثُمَّ يَقْسِمُ الْبَاقِيَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ جَمِيعِ أَهْلِ السَّرِيَّةِ عَلَى قِسْمَةِ الْغَنِيمَةِ.
1041 - وَلَوْ بَعَثَ الْإِمَامُ مِنْ الْمُعَسْكَرِ سَرِيَّةً وَنَفَّلَ لَهُمْ الرُّبْعَ قَبْلَ الْخُمُسِ، فَهُوَ تَنْفِيلٌ صَحِيحٌ فِي جَمِيعِ مَا أَصَابُوا مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ أَوْ رَقِيقٍ أَوْ مَتَاعٍ.
لِأَنَّهُ سَمَّى لَهُمْ بِلَفْظٍ عَامٍّ.
1042 - فَإِنْ خَصَّ شَيْئًا فَهُوَ عَلَى مَا خَصَّ.
لِأَنَّ الْوُجُوبَ لَهُمْ بِالتَّسْمِيَةِ، فَيُرَاعِي صِفَةَ التَّسْمِيَةِ.