الْحَرْبِ نَفَّلَ قَوْمًا مَا صَعِدُوا الْحِصْنَ بِالسَّلَالِيمِ حَتَّى فَتَحُوهُ، فَنَفْلُهُ جَائِزٌ فِي حِصَّةِ أَصْحَابِ السَّرِيَّةِ كَمَا بَيَّنَّا.
وَإِنْ لَمْ تَرْجِعْ السَّرِيَّةُ إلَى الْمُعَسْكَرِ حَتَّى خَرَجُوا إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ جَازَ نَفْلُ أَمِيرِهِمْ فِي جَمِيعِ مَا أَصَابُوا.
لِأَنَّهُمْ لَا شَرِكَةَ لِأَهْلِ الْعَسْكَرِ مَعَهُمْ فِي الْمُصَابِ، وَإِنَّمَا الْحَقُّ لَهُمْ خَاصَّةً. وَنَفْلُ الْأَمِيرِ جَائِزٌ عَلَيْهِمْ، وَقَدْ يَبْطُلُ نَفْلُ أَمِيرِ الْعَسْكَرِ لَهُمْ لِفَوَاتِ مَا هُوَ الْمَقْصُودُ بِالتَّنْفِيلِ، حَتَّى اخْتَصُّوا بِالسَّرِيَّةِ فِي الْمُصَابِ دُونَ الْعَسْكَرِ.
فَإِنْ قِيلَ: كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ تَنْفِيلُ أَمِيرِ السَّرِيَّةِ فِي جَمِيعِ الْمُصَابِ وَإِنْ رَجَعُوا إلَى الْعَسْكَرِ؛ لِأَنَّهُمْ لَوْ لَمْ يَرْجِعُوا كَانَ الْمُصَابُ لَهُمْ خَاصَّةً، وَإِنَّمَا يَثْبُتُ لِلْعَسْكَرِ الشَّرِكَةُ مَعَهُمْ بِالرُّجُوعِ، وَقَدْ سَبَقَ تَنْفِيلُهُ الرُّجُوعَ إلَيْهِمْ فَلَا يَتَضَمَّنُ هَذَا التَّنْفِيلُ إبْطَالَ حَقٍّ ثَابِتٍ لَهُمْ.
قُلْنَا: هُمْ لَا يَسْتَحِقُّونَ الشَّرِكَةَ بِالرُّجُوعِ إلَيْهِمْ خَاصَّةً، بَلْ إذَا رَجَعُوا إلَيْهِمْ كَانُوا بِمَنْزِلَةِ الرِّدْءِ لَهُمْ، فَكَأَنَّهُمْ لَمْ يَزَالُوا مَعَهُمْ.
وَبِهَذَا يَتَبَيَّنُ أَنَّ الْحَقَّ كَانَ ثَابِتًا لَهُمْ، وَلَوْ كَانَ الِاسْتِحْقَاقُ بِالرُّجُوعِ إلَيْهِمْ لَمَا اسْتَحَقُّوا، إلَّا أَنْ يَلْقَوْا قِتَالًا فَيُقَاتِلُوا عَنْ الْغَنِيمَةِ، بِمَنْزِلَةِ التُّجَّارِ وَالْأُسَرَاءِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ.
1020 - وَاَلَّذِينَ أَسْلَمُوا فِي دَارِ الْحَرْبِ (ص 211) إذَا الْتَحَقُوا بِالْجَيْشِ بَعْدَ الْإِصَابَةِ لَمْ يَسْتَحِقُّوا الشَّرِكَةَ إلَّا أَنْ يَلْقَوْا قِتَالًا.
وَهَا هُنَا لَمَّا اسْتَحَقُّوا عَرَفْنَا أَنَّ الطَّرِيقَ فِيهِ مَا ذَكَرْنَا.
1021 - وَعَلَى هَذَا لَوْ بَعَثَ الْإِمَامُ سَرِيَّةً مِنْ دَارِ السَّلَامِ وَنَفَّلَ