وَرُوِيَ أَنَّهُ بَعَثَ إلَى عِكْرِمَة بْنِ أَبِي جَهْلٍ فَسَأَلَهُ: مَنْ قَتَلَ أَبَاك؟ فَقَالَ: الَّذِي قَطَعْت أَنَا يَدَهُ.
وَإِنَّمَا كَانَ قَطَعَ يَدَ مُعَوِّذِ ابْنِ عَفْرَاءَ مِنْ الْمَنْكِبِ.
وَأَشْهَرُ الرِّوَايَتَيْنِ أَنَّهُ أَثْخَنَهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَأَجْهَزَ عَلَيْهِ ابْنُ مَسْعُودٍ.
عَلَى مَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «كُنْت أُفَتِّشُ الْقَتْلَى يَوْمَ بَدْرٍ لِأُبَشِّرَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمَنْ أَرَاهُ مَقْتُولًا مِنْهُمْ. فَرَأَيْت أَبَا جَهْلٍ صَرِيعًا بِهِ رَمَقٌ. فَجَلَسْت عَلَى صَدْرِهِ، فَفَتَحَ عَيْنَيْهِ وَقَالَ: يَا رُوَيْعِيَّ الْغَنَمِ، لَقَدْ ارْتَقَيْت مُرْتَقًى عَظِيمًا. فَقُلْت: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي مَكَّنَنِي مِنْ ذَلِكَ. فَقَالَ: لِمَنْ الدَّبْرَةُ؟ فَقُلْت: لِلَّهِ وَرَسُولِهِ. فَقَالَ: مَاذَا تُرِيدُ أَنْ تَصْنَعَهُ؟ فَقُلْت: أَحُزُّ رَأْسَك. فَقَالَ: خُذْ سَيْفِي فَهُوَ أَمْضَى لِمَا تُرِيدُ، وَاقْطَعْ رَأْسِي مِنْ كَاهِلِي لِيَكُونَ أَهْيَبَ فِي عَيْنِ النَّاظِرِ. وَإِذَا رَجَعْت إلَى مُحَمَّدٍ فَأَخْبِرْهُ أَنِّي الْيَوْمَ أَشَدُّ بُغْضًا لَهُ مِمَّا كُنْت مِنْ قَبْلُ. فَقَالَ: قَطَعْت رَأْسَهُ وَأَتَيْت بِهِ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقُلْت: هَذَا رَأْسُ عَدُوِّ اللَّهِ أَبِي جَهْلٍ فَقَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: اللَّهُ أَكْبَرُ. هَذَا فِرْعَوْنِي وَفِرْعَوْنُ أُمَّتِي. كَانَ شَرُّهُ عَلَيَّ وَعَلَى أُمَّتِي أَعْظَمَ مِنْ شَرِّ فِرْعَوْنَ عَلَى مُوسَى وَأُمَّتِهِ، ثُمَّ نَفَّلَنِي سَيْفَهُ» .
زَادَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ: «وَأَخْبَرْته بِمَا قَالَ، فَقَالَ: إنَّهُ كَفَرَ فِي الدُّنْيَا وَعِنْدَ مَوْتِهِ، وَسَيَكْفُرُ فِي النَّارِ أَيْضًا. قَالَ: وَكَيْفَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: إذَا دَخَلَ النَّارَ جَعَلَ يَنْظُرُ وَيَقُولُ