وَبَعْدَ شَهَادَةِ الْمُسْلِمَيْنِ لَوْ أَرَادَا الرُّجُوعَ إلَى دَارِ الْحَرْبِ لَمْ يُمْنَعَا مِنْ ذَلِكَ.
لِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ بِالْحُجَّةِ أَنَّهُمَا مُسْتَأْمَنَانِ.
فَإِنْ قِيلَ: هُمَا قَدْ أَقَرَّا بِالرِّقِّ عَلَى أَنْفُسِهِمَا فِي الِابْتِدَاءِ، فَكَيْفَ يُتْرَكَانِ لِيَرْجِعَا حَرْبِيَّيْنِ؟ قُلْنَا: لِأَنَّ الْإِمَامَ قَدْ حَكَمَ بِكَذِبِهِمَا فِيمَا قَالَا بِالْحُجَّةِ، وَالْمُقِرُّ إذَا صَارَ مُكَذَّبًا فِي إقْرَارِهِ يَسْقُطُ حُكْمُ إقْرَارِهِ.
922 - وَلَوْ قَالَا: خَرَجْنَا بِغَيْرِ أَمَانٍ. فَشَهِدَ لَهُمَا شَاهِدَانِ بِأَنَّهُمَا أَسْلَمَا فِي دَارِ الْحَرْبِ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَا، وَصَدَّقَا الشَّاهِدَيْنِ بِذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ الشَّاهِدَانِ مُسْلِمَيْنِ فَهُمَا حُرَّانِ، وَإِنْ كَانَا مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ فَهُمَا رَقِيقَانِ لِلْمُسْلِمِينَ.
لِأَنَّ شَهَادَةَ أَهْلِ الذِّمَّةِ لَا تَكُونُ حُجَّةً عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَإِسْلَامُهُمَا إنَّمَا ظَهَرَ بَعْدَمَا صَارَا فَيْئًا، فَلَا يَبْطُلُ الرِّقُّ عَنْهُمَا.
923 - وَلَوْ قَالَا لِلشَّاهِدَيْنِ الْمُسْلِمَيْنِ: كَذَبْتُمَا، مَا أَسْلَمْنَا قَطُّ. أُجْبِرَا عَلَى الْإِسْلَامِ.
لِأَنَّ شَهَادَةَ الْمُسْلِمِينَ عَلَيْهِمَا بِالْإِسْلَامِ عَلَيْهِمَا حُجَّةٌ تَامَّةٌ.
924 - فَإِنْ أَسْلَمَا فَهُمَا حُرَّانِ.
أَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ فَهُوَ غَيْرُ مُشْكِلٍ، وَأَمَّا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَلِأَنَّ فِي هَذِهِ الشَّهَادَةِ الْتِزَامَ حَقٍّ عَلَى الرَّجُلِ، وَالْمُسْلِمُونَ