لِأَنَّهُ آمِنٌ عِنْدَنَا، وَفِي مِثْلِ حَالِهِ قَالَ تَعَالَى: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنْ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ} [التوبة: 6]
829 - وَإِنْ شَرَطُوا عَلَيْهِ: إنَّك إنْ أَبَيْت الْإِسْلَامَ فَلَا أَمَانَ بَيْنَنَا وَبَيْنَك، ثُمَّ أَبَى الْإِسْلَامَ. فَهُوَ فَيْءٌ لِلْمُسْلِمِينَ.
لِأَنَّ الشَّرْطَ هَكَذَا جَرَى بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ.
830 - فَإِنْ جَعَلَهُ الْإِمَامُ فَيْئًا بَعْدَ مَا عَرَضَ عَلَيْهِ الْإِسْلَامَ فَأَبَى، ثُمَّ أَسْلَمَ، لَمْ يَقْبَلْهُ بَعْدَ إسْلَامِهِ وَلَكِنَّهُ يَجْعَلُهُ فَيْئًا.
لِأَنَّ حُكْمَ ذَلِكَ الْأَمَانِ انْتَهَى حِينَ أَبَى الْإِسْلَامَ بَعْدَ مَا عَرَضَ عَلَيْهِ، وَيَبْقَى هُوَ أَسِيرًا فِي أَيْدِينَا.
831 - فَإِذَا أَسْلَمَ لَمْ يُقْتَلْ وَكَانَ فَيْئًا، وَهَذَا إذَا حُكِمَ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ فَيْءٌ بَعْدَ مَا أَبَى الْإِسْلَامَ.
832 - فَإِنْ جَعَلَ الْإِمَامُ يَدْعُوهُ إلَى الْإِسْلَامِ وَهُوَ يَأْبَى إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَحْكُمْ عَلَيْهِ (ص 178) بِأَنَّهُ فَيْءٌ حِينَ أَسْلَمَ فَفِي الْقِيَاسِ هُوَ فَيْءٌ. لِأَنَّ شَرْطَ انْتِبَاذِ الْأَمَانِ قَدْ تَحَقَّقَ بِإِبَائِهِ الْإِسْلَامَ. وَالْمُتَعَلِّقُ بِالشَّرْطِ يَثْبُتُ بِوُجُودِ الشَّرْطِ، وَبِمَنْزِلَةِ الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ إذَا عُلِّقَ بِالشَّرْطِ.
وَفِي الِاسْتِحْسَانِ هُوَ حُرٌّ مُسْلِمٌ.
لِأَنَّ الْإِبَاءَ مُتَرَدِّدٌ مُحْتَمَلٌ فِيهِ يَكُونُ لِكَرَاهَةِ الْإِسْلَامِ فَهُوَ إبَاءٌ حَقِيقَةً.