لِأَنَّهُمْ الْآنَ بِمَنْزِلَةِ الْمُتَلَصِّصِينَ فِيهِمْ، سَوَاءٌ عَلِمُوا بِرُجُوعِهِمْ أَوْ لَمْ يَعْلَمُوا.
لِأَنَّ رُجُوعَهُمْ إنَّمَا يَخْفَى عَلَى أَهْلِ الْحَرْبِ لِتَقْصِيرٍ مِنْهُمْ فِي حِفْظِ حَرِيمِهِمْ، بِخِلَافِ الْوُقُوفِ عَلَى حَقِيقَةِ الْحَالِ فِيمَا سَبَقَ.
791 - وَلَوْ أَنَّ الْمُسْلِمِينَ أَخَذُوا أُسَرَاءَ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ فَأَرَادُوا قَتْلَهُمْ. فَقَالَ رَجُلٌ مِنْهُمْ: أَنَا مُسْلِمٌ. فَلَا يَنْبَغِي لَهُمْ أَنْ يَقْتُلُوهُ حَتَّى يَسْأَلُوهُ عَنْ الْإِسْلَامِ. لَا لِأَنَّهُ سَيَصِيرُ مُسْلِمًا بِهَذَا اللَّفْظِ، وَلَكِنْ بِظَاهِرِ قَوْله تَعَالَى (ص 172) : {وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إلَيْكُمْ السَّلَامَ لَسْت مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [النساء: 94] ،
وَلِأَنَّهُ تَكَلَّمَ بِكَلَامٍ مُبْهَمٍ فَيُسْتَفْسَرُ. وَلَيْسَ مِنْ الِاحْتِيَاطِ الْمُبَادَرَةُ إلَى قَتْلِهِ قَبْلَ الِاسْتِفْسَارِ.
792 - فَإِنْ وَصَفَ الْإِسْلَامَ حِينَ سَأَلُوهُ عَنْهُ فَهُوَ مُسْلِمٌ لَا يَحِلُّ قَتْلُهُ، وَهُوَ فَيْءٌ إلَّا أَنْ يُعْلَمَ أَنَّهُ كَانَ مُسْلِمًا قَبْلَ ذَلِكَ.
لِأَنَّ هَذَا مِنْهُ ابْتِدَاءُ الْإِسْلَامِ لَمَّا لَمْ يُعْرَفْ إسْلَامُهُ قَبْلَ هَذَا. وَذَاكَ يُؤَمِّنُهُ مِنْ الْقَتْلِ دُونَ الِاسْتِرْقَاقِ.
793 - فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ سِيمَاءُ الْمُسْلِمِينَ. وَأَكْبَرُ الظَّنِّ مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَنَّهُ كَانَ مُسْلِمًا، فَهَذَا بِمَنْزِلَةِ الْعِلْمِ بِإِسْلَامِهِ، حَتَّى يَجِبَ تَخْلِيَةُ سَبِيلِهِ