لِأَنَّا نَعْرِفُ أَنَّهُ لَا يَعْرِفُ الْعَرَبِيَّةَ، وَالشُّهُودُ لَمْ يَعْرِفُوا مَا قَالَ لَهُ التُّرْجُمَانُ، فَلَا يَثْبُتُ عِلْمُهُ بِمَا فِي الْكِتَابِ بِهَذَا الْقَدْرِ، وَمَا لَمْ يَصِرْ ذَلِكَ مَعْلُومًا لَهُ لَا يَنْتَهِي الْأَمَانُ وَلَا تَنْتَفِي الشُّبْهَةُ. فَلَا يَجُوزُ لَهُمْ الْإِقْدَامُ عَلَى الْقَتْلِ وَالسَّبْيِ، وَلَكِنَّهُ اسْتَحْسَنَ.
699 - فَقَالَ: فَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي وُسْعِ الْمُسْلِمِينَ فَوْقَ ذَلِكَ إذَا أَرَادُوا النَّبْذَ إلَيْهِمْ.
وَإِنْ خَانَ التُّرْجُمَانُ فَذَكَرَ لَهُمْ غَيْرَ مَا فِي الْكِتَابِ فَإِنَّمَا أُتُوا مِنْ قِبَلِ أَنْفُسِهِمْ حِينَ اتَّخَذُوا تُرْجُمَانًا هُوَ خَائِنٌ.
وَمَا لَا يُمْكِنُ الْوُقُوفُ عَلَيْهِ حَقِيقَةً لَا يَجُوزُ تَعَلُّقُ الْحُكْمِ بِهِ، وَإِنَّمَا يُعَلَّقُ بِالسَّبَبِ الظَّاهِرِ، وَقَدْ تَمَّ ذَلِكَ كَمَا شَهِدَ الشُّهُودُ.
700 - وَلَوْ أَنَّ رُسُلَ الْمُؤْمِنِينَ لَمْ يَحْضُرُوا مَجْلِسَ أَمِيرِهِمْ إلَّا أَنَّ الْأَمِيرَ رَدَّ جَوَابَ الْكِتَابِ بِكِتَابٍ مَخْتُومٍ ثُمَّ فَتَحَ الْحِصْنَ فَجَحَدَ الْأَمِيرُ الْكِتَابَ فَقَالَ: مَا وَصَلَ إلَيَّ كِتَابٌ، وَلَا أَخْبَرَنِي الْعَشَرَةُ بِمَا جَرَى عَلَى وَجْهِهِ. فَهُمْ عَلَى أَمَانِهِمْ.
لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ إلَى أَمِيرِ الْعَسْكَرِ مُحْتَمَلٌ. فَلَعَلَّهُ افْتَعَلَ ذَلِكَ مُفْتَعِلٌ عَلَى لِسَانِ أَمِيرِهِمْ. وَانْتِهَاءُ الْأَمَانِ لَا يَثْبُتُ مُبِيحًا لِلْقَتْلِ وَالِاسْتِغْنَامِ بِمِثْلِ هَذَا الْكِتَابِ الْمُفْتَعَلِ.