لِلِاسْمِ الْمُشْتَرَكِ، بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ اجْتِمَاعُ الْمَعْنَيَيْنِ الْمُتَغَايِرَيْنِ فِي كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ. فَلِهَذَا كَانَ الْأَمَانُ لِأَحَدِ الْفَرِيقَيْنِ كَالْوَصِيَّةِ، إلَّا أَنَّ الْوَصِيَّةَ لِلْمَجْهُولِ لَا تَصِحُّ، فَكَانَتْ بَاطِلَةً بِهَذَا اللَّفْظِ. وَالْأَمَانُ لِلْمَجْهُولِ صَحِيحٌ.

فَيَكُونُ ذَلِكَ عَلَى مَا نَوَاهُ الَّذِي أَمَّنَهُمْ، وَهُوَ مُصَدَّقٌ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْرَفُ إلَّا مِنْ جِهَتِهِ.

فَإِنْ قَالَ: مَا نَوَيْت شَيْئًا. فَهُمْ جَمِيعًا آمِنُونَ اسْتِحْسَانًا.

لَا بِاعْتِبَارِ أَنَّ اللَّفْظَ الْمُشْتَرَكَ عَمَّهُمْ فَالْمُشْتَرَكُ لَا عُمُومَ لَهُ، وَلَكِنْ بِاعْتِبَارِ أَنَّ الْأَمَانَ يَتَنَاوَلُ أَحَدَ الْفَرِيقَيْنِ، وَلَا يُعْرَفُونَ بِأَعْيَانِهِمْ. وَعِنْدَ اخْتِلَاطِ الْمُسْتَأْمَنِ بِغَيْرِ الْمُسْتَأْمَنِ يَثْبُتُ الْأَمَانُ لَهُمْ احْتِيَاطًا كَمَا بَيَّنَّا.

فَإِنْ قِيلَ: كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ خِيَارُ التَّعْيِينِ إلَى الْإِمَامِ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا فِي الِابْتِدَاءِ؛ لِأَنَّهُ أَوْجَبَ فِي الْمَجْهُولِ، فَإِلَيْهِ الْبَيَانُ.

قُلْنَا: لَا كَذَلِكَ، فَإِنَّ الْمُشْتَرَكَ غَيْرُ الْمُجْمَلِ. وَاللَّفْظُ الَّذِي أَوْجَبَ الْأَمَانَ هُنَا لَيْسَ بِمُجْمَلٍ حَتَّى يَرْجِعَ فِي الْبَيَانِ إلَى الْمُجْمَلِ، وَإِنَّمَا هُوَ مُشْتَرَكٌ. بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ يَحْتَمِلُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْفَرِيقَيْنِ عَلَى وَجْهِ الِانْفِرَادِ، كَأَنَّهُ لَيْسَ مَعَهُ غَيْرُهُ.

وَفِي مِثْلِ هَذَا لَا بَيَانَ لِلْمُوجِبِ، وَإِنَّمَا يُطْلَبُ الْبَيَانُ بِالتَّأَمُّلِ فِي صِفَةِ الْكَلَامِ.

فَإِذَا تَعَذَّرَ الْوُقُوفُ عَلَيْهِ كَانُوا جَمِيعًا آمِنِينَ، لِاخْتِلَاطِ الْمُسْتَأْمَنِ بِغَيْرِ الْمُسْتَأْمَنِ. وَهَذَا لِأَنَّ بَيَانَ الْمُشْتَرَكِ بِمَا يَكُونُ مُقَارِنًا. فَأَمَّا مَا يَكُونُ طَارِئًا فَهُوَ نَسْخٌ، فَلَا جَرَمَ إذَا قَالَ: نَوَيْت الْأَسْفَلِينَ أَوْ الْأَعْلَيْنَ، كَانَ ذَلِكَ صَحِيحًا.

لِأَنَّهُ بَيَانٌ بِمَا اقْتَرَنَ بِالْكَلَامِ. فَأَمَّا إذَا قَالَ: أَخْتَارُ الْآنَ، فَهَذَا لَيْسَ بِبَيَانٍ، إنَّمَا هُوَ فِي مَعْنَى النَّسْخِ، وَهُوَ لَا يَمْلِكُ ذَلِكَ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015