[بَابُ وَصَايَا الْأُمَرَاءِ]
33 - رُوِيَ حَدِيثُ ابْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ بِرِوَايَةِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - «أَنَّ النَّبِيَّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - كَانَ إذَا بَعَثَ جَيْشًا أَوْ سَرِيَّةً قَالَ لَهُمْ: اُغْزُوا بِاسْمِ اللَّهِ» .
وَقَدْ بَدَأَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - " السِّيَرَ الصَّغِيرَ " بِهَذَا الْحَدِيثِ، وَقَدْ بَيَّنَّا فَوَائِدَ الْحَدِيثِ هُنَاكَ. ثُمَّ بَيَّنَ مَعْنَى قَوْلٍ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِي آخِرِ هَذَا الْحَدِيثِ: «وَإِنْ أَرَادُوكُمْ أَنْ تُعْطُوهُمْ ذِمَّةَ اللَّهِ فَلَا تُعْطُوهُمْ» . إنَّهُ إنَّمَا كَرِهَ ذَلِكَ لَا عَلَى وَجْهِ التَّحْرِيمِ بَلْ لِلتَّحَرُّزِ عَنْ الْإِخْفَارِ عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَى ذَلِكَ. فَكَانَ الْأَوْزَاعِيُّ يَقُولُ: لَا يَجُوزُ إعْطَاءُ ذِمَّةِ اللَّهِ لِلْكُفَّارِ، وَيَتَمَسَّكُ بِظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيثِ. فَمُقْتَضَى مُطْلَقِ النَّهْيِ حُرْمَةُ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ.
وَذُكِرَ هَذَا اللَّفْظُ فِي حَدِيثٍ يَرْوِيهِ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِطَرِيقِ أَهْلِ الْبَيْتِ أَنَّهُ قَالَ: «لَا تُعْطُوهُمْ ذِمَّةَ اللَّهِ وَلَا ذِمَّتِي، فَذِمَّتِي ذِمَّةُ اللَّهِ» وَإِنَّمَا كُرِهَ لَهُمْ عِنْدَنَا لِمَعْنًى فِي غَيْرِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ. وَهُوَ أَنَّهُمْ قَدْ يَحْتَاجُونَ إلَى النَّقْضِ (22 ب) لِمَصْلَحَةٍ يَرَوْنَهَا فِي ذَلِكَ. وَإِنْ يَنْقُضُوا عُهُودَهُمْ فَهُوَ أَهْوَنُ مِنْ أَنْ يَنْقُضُوا عَهْدَ اللَّهِ وَعَهْدَ رَسُولِهِ. وَقَدْ أَشَارَ إلَى ذَلِكَ فِي آخِرِ الْحَدِيثِ فَقَالَ: