وَلَمْ يَكُنْ ذَكَرَهُمْ فِي الْأَمَانِ فَالْقِيَاسُ فِي هَذَا أَنَّهُمْ فَيْءُ غَيْرِهِ. لِأَنَّهُ طَلَبَ الْأَمَانَ لِنَفْسِهِ دُونَ غَيْرِهِ، وَحُكْمُ الْأَمَانِ لَا يَتَعَدَّى إلَى مَنْ كَانَ مُنْفَصِلًا عَنْهُ، وَلِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ اسْتِئْمَانٌ لِهَؤُلَاءِ إشَارَةٌ وَلَا دَلَالَةٌ. وَلَكِنَّ هَذَا قَبِيحٌ، فَيُجْعَلُونَ جَمِيعًا آمِنِينَ بِأَمَانِهِ اسْتِحْسَانًا. لِأَنَّهُ إنَّمَا يَسْتَأْمِنُ إلَيْنَا فِرَارًا مِنْهُمْ لِمَعْنًى هُوَ أَعْلَمُ بِهِ، أَوْ لِيُقِيمَ فِي دَارِنَا زَمَانًا وَيَتَّجِرَ بِمَا يَتِمُّ لَهُ. هَذَا الْمَقْصُودُ إذَا خَرَجَ بِزَوْجَتِهِ وَأَوْلَادِهِ الصِّغَارِ. فَإِنْ قُلْت: الْمَرْءُ مَعَ عِيَالِهِ، فَهَذَا دَلِيلُ اسْتِئْمَانِهِ لَهُمْ، ثُمَّ هُمْ تَبَعٌ لَهُ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يَعُولُهُمْ وَيُنْفِقُ عَلَيْهِمْ، وَالتَّبَعُ يَصِيرُ مَذْكُورًا بِذِكْرِ الْأَصْلِ، إلَّا إذَا كَانَ هُنَاكَ عُرْفٌ يَمْنَعُ مِنْهُ. وَالْعُرْفُ هُنَا مُؤَيِّدٌ لِهَذَا الْمَعْنَى. أَلَا تَرَى أَنَّ الذِّمِّيَّ فِي دَارِنَا يُؤَدِّي الْجِزْيَةَ، وَلَا جِزْيَةَ عَلَى أَتْبَاعِهِ وَذَرَارِيِّهِ مِنْ النِّسَاءِ وَأَوْلَادِهِ الصِّغَارِ؟ .

508 - وَكَذَلِكَ لَوْ جَاءَ مَعَهُ بِسَبْيٍ كَثِيرٍ فَقَالَ: هَؤُلَاءِ رَقِيقِي. وَصَدَّقُوهُ. أَوْ كَانُوا صِغَارًا لَا يُعَبِّرُونَ عَنْ أَنْفُسِهِمْ، أَوْ كَانَ مَعَهُ دَوَابُّ عَلَيْهَا مَتَاعٌ وَمَعَهَا قَوْمٌ يَسُوقُونَهَا فَقَالَ: هَؤُلَاءِ غِلْمَانِي. فَصَدَّقُوهُ فِي ذَلِكَ، كَانَ مُصَدَّقًا مَعَ يَمِينِهِ لِمَا بَيَّنَّا أَنَّ الظَّاهِرَ شَاهِدٌ لَهُ. فَإِنَّهُ يَسْتَصْحِبُ مَالَهُ سَوَاءٌ جَاءَ لِلتِّجَارَةِ أَوْ عَلَى قَصْدِ الْفِرَارِ مِنْهُمْ.

وَلَوْ جَاءَ وَحْدَهُ لَا شَيْءَ مَعَهُ هَلَكَ جُوعًا فِي دَارِنَا وَإِنَّمَا طَلَبَ الْأَمَانَ لِنَفْسِهِ حَتَّى يَتَمَكَّنَ مِنْ الْقَرَارِ فِي دَارِنَا زَمَانًا، فَدَخَلَ مَالُهُ فِي ذَلِكَ تَبَعَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015