أَنَّهُ قَاهِرٌ لَهُمْ أَيْضًا، فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ حَرْبِيٍّ خَرَجَ إلَى دَارِنَا بِغَيْرِ أَمَانٍ، وَقَدْ بَيَّنَّا الْحُكْمَ فِي ذَلِكَ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ لَهُ يَدٌ عَلَيْهِمْ حِسًّا فَهُمْ فِي يَدِ أَنْفُسِهِمْ حَقِيقَةً وَحُكْمًا، كَانَ خُرُوجُهُمْ مَعَهُ وَخُرُوجُهُمْ دُونَهُ فِي الْحُكْمِ سَوَاءٌ.
491 - وَلَوْ كَانَ هَذَا الْمُسْلِمُ خَرَجَ وَمَعَهُ امْرَأَةٌ وَلَمْ يَسْتَأْمِنْ لَهَا، فَأَرَادَ الْمُسْلِمُونَ أَخْذَهَا لِتَكُونَ فَيْئًا، فَقَالَ: هَذِهِ امْرَأَتِي، وَصَدَّقَتْهُ بِذَلِكَ، فَهِيَ امْرَأَتُهُ، لِتَصَادُقِهِمَا عَلَى النِّكَاحِ فِي حَالٍ لَمْ يَتَقَرَّرْ لِأَحَدٍ فِيهَا حَقٌّ. وَإِذَا ثَبَتَ النِّكَاحُ كَانَتْ حُرَّةً ذِمِّيَّةً. لِأَنَّهُ حِينَ خَرَجَ بِهَا بِنَاءً عَلَى النِّكَاحِ الَّذِي بَيْنَهُمَا فَقَدْ أَمَّنَهَا. وَأَمَانُ الْوَاحِدِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ بَعْدَ مَا خَرَجَ مِنْ قَهْرِ أَهْلِ الْحَرْبِ كَأَمَانِ جَمَاعَتِهِمْ. ثُمَّ هِيَ مُسْتَأْمَنَةٌ تَحْتَ مُسْلِمٍ، فَتَصِيرُ ذِمِّيَّةً بِمَنْزِلَةِ الْمُسْتَأْمَنَةِ فِي دَارِنَا لَوْ تَزَوَّجَتْ مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا. وَهَذَا لِأَنَّ الْمَرْأَةَ فِي الْمُقَامِ تَابِعَةٌ لِزَوْجِهَا، وَالزَّوْجُ مِنْ أَهْلِ دَارِنَا فَتَصِيرُ هِيَ مِنْ أَهْلِ دَارِنَا تَبَعًا لَهُ.
492 - وَكَذَلِكَ لَوْ خَرَجَ بِسَبْيٍ فَقَالَ: هَؤُلَاءِ عَبِيدِي وَإِمَائِي، وَصَدَّقُوهُ بِذَلِكَ. لِأَنَّهُمْ تَصَادَقُوا عَلَى ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَثْبُتَ الْحَقُّ فِيهِمْ لِلْمُسْلِمِينَ. وَمَعْنَى الْحَاجَةِ وَالضَّرُورَةِ يَتَحَقَّقُ هَا هُنَا. فَالْمُسْتَأْمَنُ فِي دَارِهِمْ أَوْ الَّذِي أَسْلَمَ يُخْرِجُ