النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الصُّلْحَ. فَأَرْسَلَ إلَى ابْنِ أَبِي الْحُقَيْقِ: انْزِلْ فَأُكَلِّمَك. فَقَالَ: نَعَمْ. فَصَالَحَهُ عَلَى حَقْنِ دِمَائِهِمْ وَيَخْرُجُونَ مِنْ خَيْبَرَ وَأَرْضِهَا، وَيُخَلُّونَ بَيْنَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبَيْنَ مَا كَانَ لَهُمْ مِنْ مَالٍ أَوْ أَرَاضٍ، وَعَلَى الصَّفْرَاءِ وَالْبَيْضَاءِ وَالْحَلْقَةِ، وَعَلَى الْبَزِّ إلَّا ثَوْبٌ عَلَى ظَهْرِ إنْسَانٍ. قَالَ: وَبَرِئَتْ مِنْكُمْ ذِمَّةُ اللَّهِ إنْ كَتَمْتُمُونِي شَيْئًا. فَصَالَحُوهُ عَلَى ذَلِكَ. ثُمَّ كَتَمَ ابْنُ أَبِي الْحُقَيْقِ آنِيَةً مِنْ فِضَّةٍ وَمَالًا كَثِيرًا. كَانَ فِي مَسْكِ الْجَمَلِ عِنْدَ كِنَانَةَ ابْنِ أَبِي الْحُقَيْقِ. وَهَذِهِ كَانَتْ أَنْوَاعًا مِنْ الْحُلِيِّ كَانُوا يُعِيرُونَهَا أَهْلَ مَكَّةَ، رُبَّمَا قَدِمَ الْقَادِمُ مِنْ (72 آ) قُرَيْشٍ فَيَسْتَعِيرُهَا شَهْرًا لِلْعُرْسِ، يَكُونُ فِيهِمْ. فَكَانَ ذَلِكَ يَكُونُ عِنْدَ الْأَكَابِرِ فَالْأَكَابِرُ مِنْ آلِ أَبِي الْحُقَيْقِ. حَتَّى ذَكَرَ فِي الْمَغَازِي أَنَّهُ ضَاعَ مِنْهَا شَيْءٌ مَرَّةً بِمَكَّةَ. فَغَرِمَ مَنْ ضَاعَ عَلَى يَدِهِ قِيمَةَ ذَلِكَ عَشَرَةَ آلَافِ دِينَارٍ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: فَأَيْنَ الْآنِيَةُ وَالْأَمْوَالُ الَّتِي خَرَجْتُمْ بِهَا مِنْ الْمَدِينَةِ حِين أَجْلَيْتُكُمْ؟ فَقَالُوا: ذَهَبَتْ فِي الْحَرْبِ يَا أَبَا الْقَاسِمِ إنَّمَا كُنَّا نُمْسِكُهَا لِمِثْلِ يَوْمِنَا هَذَا، فَلَا وَاَللَّهِ مَا بَقِيَ عِنْدَنَا مِنْهَا شَيْءٌ. وَحَلَفُوا عَلَى ذَلِكَ. فَقَالَ: أَفَرَأَيْتُمْ إنْ وَجَدْته عِنْدَكُمْ أَقْتُلُكُمْ؟ قَالُوا: نَعَمْ»