لِأَنَّهُ مَا مِنْ عَسْكَرٍ يَخْرُجُونَ إلَى أَرْضِ الْحَرْبِ إلَّا وَيَتَوَهَّمُ أَنَّ الْعَدُوَّ يَمِيلُونَ إلَى بَعْضِ ثُغُورِ الْمُسْلِمِينَ، وَمَعَ هَذَا لَا يُمْنَعُونَ عَنْ الْخُرُوجِ، فَكَذَلِكَ لَا يَمِيلُونَ عَنْ الْمُضِيِّ فِيهِ إذْ لَوْ لَمْ يَمْضُوا لِهَذَا الْمَعْنَى يُؤَدِّي إلَى تَرْكِ الْجِهَادِ أَصْلًا، وَلِأَنَّهُمْ لَوْ مَضَوْا فِي وَجْهِهِمْ تَحْصُلُ النِّكَايَةُ عَلَى الْعَدُوِّ مِنْ وَجْهَيْنِ، فَإِنَّ أَهْلَ الثُّغُورِ رُبَّمَا يَظْفَرُونَ بِمَنْ أَتَاهُمْ، وَالْعَسْكَرُ كَذَلِكَ بِاَلَّذِينَ قَصَدُوهُمْ، وَكُلَّمَا كَانَتْ النِّكَايَةُ بِالْعَدُوِّ أَكْثَرَ كَانَ ذَلِكَ أَحْسَنَ.
4453 - وَإِنْ كَانُوا يَخَافُونَ عَلَى أَهْلِ الثَّغْرِ إنْ لَمْ يُعِنْهُمْ الْمُسْلِمُونَ وَكَانَ قُرْبُهُمْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ إنْ أَعَانُوهُمْ يَنْتَصِفُونَ مِنْ الْعَدُوِّ أَوْ كَانَ أَكْبَرُ الرَّأْيِ مِنْهُمْ أَنَّ أُولَئِكَ الْمُسْلِمِينَ يَقْصِدُونَهُمْ، كَانُوا فِي سَعَةٍ مِنْ الْمُضِيِّ إلَى غَزْوِهِمْ.
لِمَا قُلْنَا: إنَّ فِيهِ النِّكَايَةَ بِهِمْ مِنْ وَجْهَيْنِ.
4454 - وَإِنْ كَانَ أَكْبَرُ الرَّأْيِ مِنْهُمْ أَنَّ أُولَئِكَ الْمُسْلِمِينَ لَا يَنْصُرُونَهُمْ فَالْوَاجِبُ عَلَيْهِمْ أَنْ يَرْجِعُوا عَنْ غَزْوِهِمْ.
لِمَا قُلْنَا.
وَإِنَّمَا يُعْمَلُ بِأَكْبَرِ الرَّأْيِ هَا هُنَا، لِأَنَّ الْقَلْبَ حَكَمَ فِيمَا لَيْسَ فِيهِ دَلِيلٌ ظَاهِرٌ يُوجِبُ الْعَمَلَ بِالظَّاهِرِ، وَالدَّلِيلُ الظَّاهِرُ مَعْدُومٌ هَا هُنَا فَكَانَ الْقَلْبُ حَكَمًا فِيهِ.
4455 - وَلَوْ أَنَّ عَسْكَرَيْنِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ دَخَلُوا أَرْضَ الْحَرْبِ