لَكِنَّ مَا ذَكَرَهُ مُحَمَّدٌ أَصَحُّ، فَإِنَّهُمْ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ مُغَايَظَةً لِلْمُسْلِمِينَ، وَقَدْ ظَهَرَ ذَلِكَ مِنْ الْقَرَامِطَةِ حِينَ ظَهَرُوا عَلَى مَكَّةَ، جَعَلُوا يَسْتَنْجُونَ بِالْمَصَاحِفِ إلَى أَنْ قَطَعَ اللَّهُ دَابِرَهُمْ. وَلِهَذَا مُنِعَ الذِّمِّيُّ مِنْ شِرَى الْمُصْحَفِ، وَأُجْبِرَ عَلَى بَيْعِهِ كَمَا أُجْبِرَ عَلَى بَيْعِ الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ. وَكَذَلِكَ كُتُبُ الْفِقْهِ بِمَنْزِلَةِ الْمُصْحَفِ فِي هَذَا الْحُكْمِ. فَأَمَّا كُتُبُ الشَّعْرِ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَحْمِلَهُ مَعَ نَفْسِهِ، وَكَذَلِكَ إنْ اشْتَرَاهُ الْكَافِرُ لَا يُجْبِرُ عَلَى بَيْعِهِ.
247 - وَإِنْ دَخَلَ إلَيْهِمْ مُسْلِمٌ بِأَمَانٍ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يُدْخِلَ مَعَهُ الْمُصْحَفُ إذَا كَانُوا قَوْمًا يُوفُونَ بِالْعَهْدِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ هُوَ الْأَمْنُ مِنْ تَعَرُّضِ الْعَدُوِّ لِمَا فِي يَدِهِ. فَأَمَّا إذَا كَانُوا رُبَّمَا لَا يُوفُونَ بِالْعَهْدِ فَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَحْمِلَ الْمُصْحَفَ مَعَ نَفْسِهِ إذَا دَخَلَ دَارَهُمْ بِأَمَانٍ.
248 - وَإِذَا قَالَ الْحَرْبِيُّ أَوْ الذِّمِّيُّ لِلْمُسْلِمِ: عَلِّمْنِي الْقُرْآنَ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يُعَلِّمَهُ وَيُفَقِّهَهُ فِي الدِّينِ لَعَلَّ اللَّهَ يُقَلِّبُ قَلْبَهُ. أَلَا تَرَى أَنَّ النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ وَبِهِ أُمِرَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ} [المائدة: 67] . وَقَالَ اللَّهُ