فَكَفَرَ مَرَّةً، ثُمَّ ادَّعَتْ عَلَيْهِ أَنَّهُ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَصَدَّقَهَا بِالْكُفْرِ الثَّانِي، وَذَكَرَ أَنَّهُمْ أَكْرَهُوهُ ثَانِيًا لَا يُقْبَلُ فِي ذَلِكَ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ يَدَّعِي سَبَبًا مُتَجَدِّدًا غَيْرَ مَعْلُومٍ.
وَكَذَلِكَ لَوْ عَلِمَ أَنَّهُ كَانَ مُبَرْسَمًا مُنْذُ سَنَةٍ، ثُمَّ قَالَ: أَصَابَنِي ذَلِكَ مَرَّةً أُخْرَى، أَوْ عَلِمَ أَنَّهُ شَرِبَ الْبَنْجَ مُنْذُ سَنَةٍ، ثُمَّ قَالَ: قَدْ شَرِبْته الْبَارِحَةَ فَذَهَبَ عَقْلِي لَمْ يُصَدَّقْ عَلَى ذَلِكَ إلَّا بِحُجَّةٍ؛ لِأَنَّ هَذَا كُلَّهُ مِمَّا لَا يَعُودُ إلَّا بِاكْتِسَابِ سَبَبٍ مُسْتَقِلٍّ، بِخِلَافِ الْجُنُونِ، وَلِأَنَّ هَذَا كُلَّهُ مِمَّا يَزُولُ عَلَى وَجْهٍ لَا يَبْقَى لَهُ أَثَرٌ وَعَلَى وَجْهٍ لَا يَعُودُ قَطُّ، بِخِلَافِ الْجُنُونِ وَالنَّوْمِ، فَبِهَذَا الْحَرْفِ تَبَيَّنَ الْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ الْفُصُولِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.