وَهَذَا فَرْضٌ غَيْرُ مُوَقَّتٍ بِوَقْتٍ، لَمْ يَتَفَرَّغْ أَحَدٌ لِشُغْلٍ آخَرَ مِنْ كَسْبٍ أَوْ تَعَلُّمٍ. وَبِدُونِ سَائِرِ الْأَشْغَالِ لَا يَتِمُّ أَمْرُ الْجِهَادِ أَيْضًا، فَلِهَذَا كَانَ فَرْضًا عَلَى الْكِفَايَةِ.
211 - حَتَّى لَوْ اجْتَمَعُوا عَلَى تَرْكِهِ اشْتَرَكُوا فِي الْمَأْثَمِ. وَإِذَا حَصَلَ الْمَقْصُودُ بِالْبَعْضِ سَقَطَ عَنْ الْبَاقِينَ. وَفِي مِثْلِ هَذَا يَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ النَّظَرُ لِلْمُسْلِمِينَ، لِأَنَّهُ مَنْصُوبٌ لِذَلِكَ نَائِبٌ عَنْ جَمَاعَتِهِمْ. فَعَلَيْهِ أَنْ لَا يُعَطِّلَ الثُّغُورَ، وَلَا يَدَعَ الدُّعَاءَ إلَى الدِّينِ وَحَثَّ الْمُسْلِمِينَ عَلَى الْجِهَادِ.
وَإِذَا نَدَبَ النَّاسَ إلَى ذَلِكَ فَعَلَيْهِمْ أَنْ لَا يَعْصُوهُ بِالِامْتِنَاعِ مِنْ الْخُرُوجِ. وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَدَعَ الْمُشْرِكِينَ بِغَيْرِ دَعْوَةٍ إلَى الْإِسْلَامِ، أَوْ إعْطَاءِ جِزْيَةٍ إذَا تَمَكَّنَ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ التَّكْلِيفَ بِحَسَبِ الْوُسْعِ.
212 - وَإِنْ كَانُوا قَوْمًا لَا تُقْبَلُ مِنْهُمْ الْجِزْيَةُ كَعَبَدَةِ الْأَوْثَانِ مِنْ الْعَرَبِ وَالْمُرْتَدِّينَ، فَإِنَّهُ يَدْعُوهُمْ إلَى الْإِسْلَامِ، فَإِنْ أَبَوْا قَاتَلَهُمْ.
وَأَمَّا الْمَجُوسُ وَعَبَدَةُ الْأَوْثَانِ مِنْ الْعَجَمِ فِي جَوَازِ أَخْذِ الْجِزْيَةِ مِنْهُمْ عِنْدَنَا بِمَنْزِلَةِ أَهْلِ الْكِتَابِ، فَيَدْعُوهُمْ إلَى إحْدَى هَاتَيْنِ الْخَصْلَتَيْنِ، وَيَجِبُ الْكَفُّ عَنْهُمْ إذَا أَجَابُوا إلَى إحْدَاهُمَا، وَإِنْ امْتَنَعُوا مِنْهُمَا فَحِينَئِذٍ يُقَاتَلُونَ.