لِأَنَّهُ بِهَذَا التَّسْلِيمِ لَا يُمْلِكُهُ شَيْئًا، إنَّمَا يُبْطِلُ حَقًّا لَيْسَ بِمَالٍ، وَلَا يَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ بِالْمَالِ بِحَالٍ، فَكَانَ هَذَا بِمَنْزِلَةِ تَسْلِيمِ الشُّفْعَةِ، وَتَسْلِيمُ الْمَرِيضِ شُفْعَتَهُ بِسَبَبٍ مِنْ الْأَسْبَابِ يَكُونُ صَحِيحًا عَلَى الْإِطْلَاقِ، فَهَذَا مِثْلُهُ.
وَكَذَلِكَ لَوْ سَاوَمَهُ بِالْعَبْدِ بَيْعًا مُسْتَقْبَلًا
لِأَنَّ هَذَا دَلِيلُ التَّسْلِيمِ مِنْهُ فَيَكُونُ كَالتَّصْرِيحِ بِالتَّسْلِيمِ، كَمَا فِي الشُّفْعَةِ. فَإِنْ قِيلَ: قَدْ قُلْتُمْ إنَّ الْأَخْذَ بِالْقِيمَةِ بِمَنْزِلَةِ الْفِدَاءِ مِنْ الْجِنَايَةِ، فَعَلَى هَذَا يَنْبَغِي أَلَا يَصِحَّ ذَلِكَ مِنْ الْمَرِيضِ فِي حَقِّ وَارِثِهِ، فَلَا تَسْلَمُ لَهُ الْمُحَابَاةُ الَّتِي تَكُونُ بِاعْتِبَارِهِ.
قُلْنَا: هَذَا إذَا كَانَ بِتَصَرُّفِهِ يُمْلِكُ الْوَارِثَ مَالًا، وَهُوَ هَا هُنَا لَيْسَ يُمْلِكُ الْوَارِثَ شَيْئًا، فَقَدْ مَلَكَ الْوَارِثُ الْعَبْدَ بِالشِّرَاءِ، أَوْ بِوُقُوعِهِ فِي سَهْمِهِ، فَلِهَذَا صَحَّ تَسْلِيمُهُ فِي حَقِّ الْوَارِثِ، وَهُوَ نَظِيرُ الْإِبْرَاءِ عَنْ الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ، وَالْعَفْوِ عَنْ دَمِ الْعَبْدِ، فَإِنَّ ذَلِكَ صَحِيحٌ مِنْ الْمَرِيضِ مَعَ وَارِثِهِ، كَمَا يَصِحُّ مَعَ الْأَجْنَبِيِّ، وَاَلَّذِي يُوَضِّحُ مَا قُلْنَا أَنَّ مَنْ وَقَعَ الْعَبْدُ فِي سَهْمِهِ يَتَمَكَّنُ مِنْ إسْقَاطِ حَقِّ الْأَخْذِ بِالْإِعْتَاقِ وَالتَّدْبِيرِ، فَلَا يَصِيرُ بِهِ ضَامِنًا شَيْئًا، فَتَبَيَّنَ بِهِ أَنَّ هَذَا الْحَقَّ ضَعِيفٌ، وَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ أَنْ يَسْقُطَ الْحَقُّ بِتَصَرُّفِ مَنْ وَقَعَ فِي سَهْمِهِ وَبَيْنَ أَنْ يَسْقُطَ بِإِسْقَاطِ الْمَرِيضِ
3928 - وَلَوْ مَاتَ الْمَأْسُورُ مِنْهُ وَلَا وَارِثَ لَهُ فَمِيرَاثُهُ لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ، وَالْإِمَامُ نَائِبٌ عَنْهُمْ فِي ذَلِكَ، فَإِنْ عُرِفَ حَالُهُ قَبْلَ الْقِسْمَةِ أَخَذَهُ لِبَيْتِ الْمَالِ بِغَيْرِ شَيْءٍ، وَإِنْ عَرَفَهُ بَعْد الْقِسْمَةِ فَإِنْ شَاءَ أَخَذَهُ لِبَيْتِ الْمَالِ بِقِيمَتِهِ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ.
وَإِنْ وَجَدَهُ فِي يَدِ رَجُلٍ اشْتَرَاهُ مِنْ الْعَدُوِّ بِخَمْسِمِائَةٍ، وَقِيمَتُهُ أَلْفٌ، فَالْأَوْلَى