أَمَّا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، لَا إشْكَالَ، وَأَمَّا عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَلِأَنَّ الِابْنَةَ صَارَتْ مُسْلِمَةً بِإِسْلَامِ الْأَبِ، فَلَا يَجُوزُ نِكَاحُهَا مَعَ أُمِّهَا بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ، فَبَطَلَ نِكَاحُهَا لِهَذَا الْمَعْنَى، وَقَدْ بَطَلَ نِكَاحُ الْأُمِّ بِسَبَبِ الْعَقْدِ عَلَى الِابْنَةِ، فَلِهَذَا قَالَ: يَفْسُدُ نِكَاحُهُمَا جَمِيعًا.
وَأَوْضَحَ هَذَا بِمَا لَوْ تَزَوَّجَ رَضِيعَةً ثُمَّ طَلَّقَهَا، ثُمَّ تَزَوَّجَ كَبِيرَةً فَأَرْضَعَتْ الصَّغِيرَةَ، فَإِنَّ الْكَبِيرَةَ تَحْرُمُ عَلَيْهِ، لِأَنَّ الصَّغِيرَةَ صَارَتْ ابْنَةً لَهَا، وَقَدْ كَانَتْ فِي نِكَاحِهِ فِي وَقْتٍ بِعَقْدٍ صَحِيحٍ، وَمُجَرَّدُ الْعَقْدِ عَلَى الِابْنَةِ يُوجِبُ حُرْمَةً مُؤَبَّدَةً فِي حَقِّ الْأُمِّ
3659 - وَلَوْ أَنَّ زَوْجَيْنِ مُسْتَأْمَنَيْنِ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ وَأَسْلَمَ الزَّوْجُ وَهِيَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ فَأَرَادَتْ الرُّجُوعَ إلَى دَارِ الْحَرْبِ لَمْ يَكُنْ لَهَا ذَلِكَ؛ لِأَنَّ بَعْدَ إسْلَامِ الزَّوْجِ النِّكَاحُ مُسْتَدَامٌ بَيْنَهُمَا، فَهِيَ مُسْتَأْمَنَةٌ تَحْتَ مُسْلِمٍ فَتَصِيرُ ذِمِّيَّةً لِأَنَّ الْمَرْأَةَ فِي الْمَقَامِ تَابِعَةٌ لِزَوْجِهَا بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ تَزَوَّجَتْ بِمُسْلِمٍ ابْتِدَاءً
3660 - وَكَذَلِكَ إذَا صَارَ الزَّوْجُ ذِمِّيًّا؛ لِأَنَّ الذِّمِّيَّ مِنْ أَهْلِ دَارِنَا كَالْمُسْلِمِ.
3661 - إنْ جَحَدَتْ أَنْ تَكُونَ امْرَأَتَهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا، وَعَلَى الزَّوْجِ الْبَيِّنَةُ، وَلَا يُقْبَلُ عَلَيْهَا بِالنِّكَاحِ شَهَادَةُ أَهْلِ الْحَرْبِ؛ لِأَنَّ فِي زَعْمِ الزَّوْجِ وَالشُّهُودِ أَنَّهَا ذِمِّيَّةٌ، وَشَهَادَةُ أَهْلِ الْحَرْبِ عَلَى الذِّمِّيِّ لَا تَكُونُ حُجَّةً
3662 -، وَلَوْ كَانَتْ أَنْكَرَتْ النِّكَاحَ، قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ الزَّوْجُ