لَا يَتَعَرَّضُ الْإِمَامُ لَهُمْ، إذَا فَعَلُوا ذَلِكَ قَبْلَ الْمُرَافَعَةِ إلَيْهِ؛ فَلِهَذَا سَوَّى أَبُو حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - بَيْنَ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَأَهْلِ الْحَرْبِ فِي النِّكَاحِ بِغَيْرِ صَدَاقٍ، ثُمَّ اسْتَدَلَّ مُحَمَّدٌ، رَحْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ، لِإِثْبَاتِ مَذْهَبِهِ بِآثَارٍ ذَكَرَهَا فِي الْكِتَابِ بِالْإِسْنَادِ.
(فَمِنْهَا) حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -، أَنَّ «غَيْلَانَ بْنَ سَلَمَةَ الثَّقَفِيَّ أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ عَشْرُ نِسْوَةٍ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -: اخْتَرْ مِنْهُنَّ أَرْبَعًا» . فَلَمَّا كَانَ زَمَنَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - طَلَّقَ نِسَاءَهُ وَقَسَّمَ مَالَهُ بَيْنَ بَنِيهِ، فَدَعَاهُ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَقَالَ: طَلَّقْت نِسَاءَك وَقَسَّمْت مَالَك بَيْنَ بِنَيْكِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: إنِّي لَأَرَى الشَّيْطَانَ فِيمَا يَسْتَرِقُ مِنْ السَّمْعِ سَمِعَ لِمَوْتِك فَقَذَفَهُ فِي نَفْسِك، فَلَعَلَّك أَلَّا تَمْكُثَ إلَّا قَلِيلًا. وَاَيْمُ اللَّهِ تَعَالَى إنْ لَمْ تُرَاجِعْ نِسَاءَك وَتَرْجِعْ فِي مَالِك، ثُمَّ مِتَّ لَأُوَرِّثَهُنَّ مِنْ مَالِك ثُمَّ لَأَمَرْتُ بِقَبْرِك أَنْ يُرْجَمَ كَمَا يُرْجَمُ قَبْرُ أَبِي رِغَالٍ.
قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: أَظُنُّهُ فَعَلَ هَذَا فِي مَرَضِهِ.
(وَرَوَى) عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ أَبَا مَسْعُودِ بْنِ عَبْدِ يَالِيلَ بْنِ عَمْرِو بْنِ عُمَيْرٍ الثَّقَفِيَّ أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ ثَمَانِ نِسْوَةٍ، فَتَخَيَّرَ مِنْهُنَّ أَرْبَعًا. قَالَ مُحَمَّدٌ: أَخْبَرَنَا الثِّقَةُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ لَهِيعَةَ عَنْ أَبِي وَهْبٍ الْجَيَشَانِيِّ أَنَّ «الضَّحَّاكَ بْنَ فَيْرُوزَ الدَّيْلَمِيَّ يَرْوِي عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَسْلَمْت وَعِنْدِي أُخْتَانِ، فَأَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -، أَنْ أُفَارِقَ إحْدَاهُمَا» قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: وَفَيْرُوزُ الدَّيْلَمِيُّ كَانَ مِنْ أَهْلِ فَارِسَ الَّذِينَ كَانُوا بِصَنْعَاءَ أَسْلَمَ فَحَسُنَ إسْلَامُهُ