أَلَا تَرَى) أَنَّ الْعَبْدَ إذَا قَتَلَ قَتِيلًا خَطَأً فَإِنَّهُ يَجِبُ دَفْعُ نَفْسِهِ إلَى وَلِيِّ الْقَتِيلِ، إلَّا أَنْ يَخْتَارَ الْمَوْلَى الْفِدَاءَ فَهَذَا كَذَلِكَ.
3523 - وَإِنْ قَالُوا لِلْإِمَامِ: إنْ شِئْت أَعْطَيْنَاك دِيَاتِ أَصْحَابِك، وَإِنْ شِئْت أَعْطَيْنَاك الَّذِينَ قَتَلُوا أَصْحَابَكُمْ، فَهَذَا إنْصَافٌ مِنْهُمْ. لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي وُسْعِهِمْ فَوْقَ هَذَا، فِيمَا يَرْجِعُ إلَى الْوَفَاءِ بِتِلْكَ الْمُوَادَعَةِ.
3524 - ثُمَّ يَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يَخْتَارَ مَا فِيهِ الْحَظُّ لِلْمُسْلِمِينَ، فَإِنْ اخْتَارَ أَخْذَ الدِّيَاتِ دَفْعِهَا إلَى الْوَرَثَةِ، وَإِنْ اخْتَارَ أَخْذَ الْقَاتِلِينَ كَانَ الرَّأْيُ إلَيْهِ فِي قَتْلِهِمْ، كَمَا بَيَّنَّا. وَلَا يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ قَتْلُهُمْ بِعَفْوِ الْوَرَثَةِ إنْ عَفَوَا عَنْهُمْ، لِمَا بَيَّنَّا أَنَّهُ لَا يَقْتُلهُمْ عَلَى وَجْهِ الْقِصَاصِ، بَلْ لِأَنَّهُمْ مُحَارِبُونَ، وَالْعَفْوُ فِي قَتْلِ الْمُحَارِبِينَ غَيْرُ مُؤْثَرٍ. لِأَنَّ الْعَفْوَ إنَّمَا يُسْقِطُ مَا كَانَ مُسْتَحَقًّا لِلْعَافِي خَاصَّةً.
3525 - وَإِنْ كَانَ الَّذِي قَتَلَ رَهْنَ الْمُسْلِمِينَ رِجَالًا مِنْ غَيْرِ أَهْلِ تِلْكَ الدَّارِ فَإِنْ كَانُوا دَخَلُوا إلَيْهِمْ بِأَمَانٍ فَهَذَا وَالْأَوَّلُ سَوَاءٌ. لِأَنَّ مَنْ عِنْدَهُمْ بِأَمَانٍ فَهُوَ فِي أَيْدِيهمْ وَهُوَ مِمَّنْ يَجْرِي عَلَيْهِ حُكْمُ مَلِكِهِمْ فَحَالُهُمْ كَحَالِ أَهْلِ دَارِهِمْ.