الْمُشْرِكُونَ: إنْ قَبِلْتُمْ ذَلِكَ مِنْهُمْ قَتَلْنَا رَهْنَكُمْ، أَوْ جَعَلْنَاهُمْ عَبِيدًا لَنَا، فَإِنَّ الْإِمَامَ لَا يَقْبَلُ هَذَا مِنْ رَهْنِهِمْ، وَلَكِنْ يَرُدُّهُمْ عَلَى الْمُشْرِكِينَ، وَيَأْخُذُ الْمُسْلِمِينَ، بِخِلَافِ مَا إذَا أَسْلَمُوا؛ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ يَتِمُّ بِهِمْ، فَأَمَّا الذِّمَّةَ لَا تَتِمُّ إلَّا بِالرِّضَا مِنْ الْمُسْلِمِينَ، فَإِذَا كَانَ فِيهَا إتْلَافُ الْمُسْلِمِينَ حَقِيقَةً، أَوْ حُكْمًا فَلَا يَنْبَغِي لِلْمُسْلِمِينَ أَنْ يَرْضَوْا بِهَا. لِأَنَّ اسْتِنْقَاذَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ أَيْدِي الْمُشْرِكِينَ وَالْوَفَاءَ لَهُمْ بِالْمَوْعُودِ خَيْرٌ لَهُمْ مِنْ أَنْ يَصِيرَ الرَّهْنُ ذِمَّةً لِلْمُسْلِمِينَ، وَالْإِمَامُ نَاظِرٌ فَيَخْتَارُ مَا فِيهِ الْخَيْرِيَّةُ لِلْمُسْلِمِينَ.
3506 - وَإِنْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ إذَا قَبِلَ ذَلِكَ مِنْهُمْ خَلَّى الْمُشْرِكُونَ سَبِيلَ الرَّهْنِ الَّذِي عِنْدَهُمْ فَحِينَئِذٍ يُعْطِيهِمْ الذِّمَّةَ، وَيَضَعُ عَلَيْهِمْ الْخَرَاجَ كَمَا لَوْ سَأَلُوهُ. لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ إتْلَافُ الْمُسْلِمِينَ.
وَمَا لَمْ يَعْلَمْ ذَلِكَ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَجْعَلَهُمْ ذِمَّةً. لِأَنَّ الْبِنَاءَ عَلَى الظَّاهِرِ وَاجِبٌ، مَا لَمْ يُعْلَمْ خِلَافُهُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُمْ لَا يُخَلُّونَ سَبِيلَ الْمُسْلِمِينَ إذَا صَارَ رَهْنُهُمْ ذِمَّةً لَنَا.
3507 - فَإِنْ أَعْطَاهُمْ الذِّمَّةَ ثُمَّ طَلَبَ أَخْذَ رَهْنِ الْمُسْلِمِينَ فَأَبَوْا ذَلِكَ حَتَّى يَرُدَّ عَلَيْهِمْ رَهْنَهُمْ فَلَيْسَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَخْفِرَ