بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (160)
160 - بَابُ الْمُوَادَعَةِ 3361 - قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: لَا يَنْبَغِي مُوَادَعَةُ أَهْلِ الشِّرْكِ إذَا كَانَ بِالْمُسْلِمِينَ عَلَيْهِمْ قُوَّةٌ. لِأَنَّ فِيهِ تَرْكَ الْقِتَالِ الْمَأْمُورِ بِهِ، أَوْ تَأْخِيرَهُ، وَذَلِكَ مِمَّا لَا يَنْبَغِي لِلْأَمِيرِ أَنْ يَفْعَلَهُ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمْ الْأَعْلَوْنَ إنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [آل عمران: 139] .
3362 - وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِالْمُسْلِمِينَ قُوَّةٌ عَلَيْهِمْ فَلَا بَأْسَ بِالْمُوَادَعَةِ. لِأَنَّ الْمُوَادَعَةَ خَيْرٌ لِلْمُسْلِمِينَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ، وَقَدْ قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ} [الأنفال: 61] وَلِأَنَّ هَذَا مِنْ تَدْبِيرِ الْقِتَالِ، فَإِنَّ عَلَى الْمُقَاتِلِ أَنْ يَحْفَظَ قُوَّةَ نَفْسِهِ أَوَّلًا، ثُمَّ يَطْلُبَ الْعُلُوَّ وَالْغَلَبَةَ إذَا تَمَكَّنَ مِنْ ذَلِكَ.
(أَلَا تَرَى) أَنَّ الصَّغِيرَ يَمُصُّ اللَّبَنَ مَا لَمْ تَنْبُتْ أَسْنَانُهُ، ثُمَّ يَمْضُغُ اللَّحْمَ بَعْدَ نَبَاتِ الْأَسْنَانَ، فَبِهَذَا يَتَبَيَّنُ أَنَّ النَّظَرَ فِي الْمُوَادَعَةِ عِنْدَ ضَعْفِ حَالِ الْمُسْلِمِينَ، وَفِي الِامْتِنَاعِ مِنْهَا وَالِاشْتِغَالِ بِالْقِتَالِ عِنْدَ قُوَّةِ الْمُسْلِمِينَ.