أَلَا تَرَى أَنَّ أَوْلَادَ أَهْلِ الذِّمَّةِ لَا يُحْكَمُ لَهُمْ بِالْإِسْلَامِ وَإِنْ مَاتَ آبَاؤُهُمْ وَأُمَّهَاتُهُمْ فِي دَارِنَا. وَهُمْ صِغَارٌ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ آبَاؤُهُمْ وَأُمَّهَاتُهُمْ مَعَهُمْ فَطَلَبَ الْمُشْرِكُونَ الْمُفَادَاةَ بِالصِّبْيَانِ خَاصَّةً فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ فِي ذَلِكَ تَفْرِيقٌ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ آبَائِهِمْ.
لِأَنَّ هَذَا التَّفْرِيقَ بِحَقٍّ، وَتَخْلِيصُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ أُسَرَاءِ الْمُشْرِكِينَ أَفْضَلُ وَأَعْظَمُ أَجْرًا مِنْ تَرْكِ التَّفْرِيقِ بَيْنَ الصِّبْيَانِ وَالْآبَاءِ.
3351 - وَلَكِنْ لَا يَجُوزُ مُفَادَاةُ صِبْيَانِهِمْ بِالْمَالِ، كَمَا لَا يَجُوزُ مُفَادَاةُ الْبَالِغِينَ مِنْهُمْ.
لِأَنَّ الصَّغِيرَ يَكْبُرُ فَيَكُونُ مِنْهُ الْقِتَالُ وَيَكُونُ لَهُ النَّسْلُ بِخِلَافِ الشَّيْخِ وَالشَّيْخَةِ اللَّذَيْنِ لَا يُرْجَى لَهُمَا نَسْلٌ.
لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي رَدِّهِمَا عَلَى الْمُشْرِكِينَ مِنْ مَعْنَى التَّقَوِّي عَلَى الْقِتَالِ بِشَيْءٍ وَفِي الصِّغَارِ يَتَحَقَّقُ ذَلِكَ الْمَعْنَى.
3352 - وَلَوْ أَبَى أَهْلُ السَّرِيَّةِ أَوْ الْعَسْكَرُ الْمُفَادَاةَ بِالْأُسَارَى فَلَيْسَ لِأَمِيرِهِمْ أَنْ يُفَادِيَ بِهِمْ. إلَّا أَنْ يُعَوِّضَهُمْ مِنْ ذَلِكَ، مَا خَلَا خَصْلَةً وَاحِدَةً، الرِّجَالُ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ الَّذِينَ أَسَرَهُمْ الْمُسْلِمُونَ لَا بَأْسَ بِالْمُفَادَاةِ بِهِمْ قَبْلَ الْقِسْمَةِ، وَإِنْ لَمْ يَرْضَ بِهِ أَهْلُ الْعَسْكَرِيَّةِ وَالسَّرِيَّةِ.
لِأَنَّ لِأَمِيرِهِمْ أَنْ يَقْتُلَ الرِّجَالَ مِنْ الْأُسَرَاءِ، وَفِي الْقَتْلِ إبْطَالُ حَقِّ أَهْلِ الْعَسْكَرِ مِنْهُمْ، مِنْ غَيْرِ مَنْفَعَةِ تَخْلِيصِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ، فَلَأَنْ يَجُوزَ الْمُفَادَاةُ، وَفِيهِ مَنْفَعَةُ التَّخْلِيصِ كَانَ أَوْلَى، بِخِلَافِ السَّبْيِ مِنْ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ،