3288 - وَفِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - هُنَاكَ يُبَاعُ فِيمَا تَوَجَّهَتْ الْمُطَالَبَةُ بِهِ عَلَيْهِ فِي الْكِتَابَةِ بَعْدَ الْعَجْزِ، فَكَذَلِكَ هَا هُنَا يُبَاعُ فِي الْفِدَاءِ صَدَّقَهُ الْمَوْلَى فِي ذَلِكَ أَوْ كَذَّبَهُ، وَلَوْ كَانَ مَوْلَى الْمُدَبَّرِ وَأُمُّ الْوَلَدِ أَمَرَ الْمُسْتَأْمَنَ بِفِدَائِهِمَا، ثُمَّ اخْتَلَفَ الْآمِرُ وَالْمَأْمُورُ فِيمَا فَدَاهُمَا بِهِ أَوْ فِي أَصْلِ الْفِدَاءِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْآمِرِ وَعَلَى الْمَأْمُورِ الْبَيِّنَةُ.
لِأَنَّ أَهْلَ الْحَرْبِ مَا مَلَكُوهُمَا بِالْإِحْرَازِ، فَحَاصِلُ الِاخْتِلَافِ فِي الدَّيْنِ الْوَاجِبِ لِلْمَأْمُورِ عَلَى الْآمِرِ إمَّا فِي أَصْلِ سَبَبِهِ أَوْ فِي مِقْدَارِهِ، فَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُنْكِرِ، بِخِلَافِ الْعَبْدِ فَهُنَالِكَ قَدْ أَحْرَزَهُ أَهْلُ الْحَرْبِ، ثُمَّ عَادَ إلَى مِلْكِ الْمَوْلَى بِالْعَقْدِ بِالصِّفَةِ الْمَذْكُورَةِ الَّتِي بَاشَرَهَا الْمَأْمُورُ، فَإِذَا وَقَعَ الِاخْتِلَافُ بَيْنَهُمَا فِي جِنْسِ ذَلِكَ الْعَقْدِ، أَوْ فِي مِقْدَارِ الْبَدَلِ وَجَبَ الْمَصِيرُ إلَى التَّحَالُفِ.
3289 - وَلَوْ كَانَ الْمَأْسُورُ عَبْدًا فَقَالَ أَجْنَبِيٌّ لِلْمُسْتَأْمَنِ: اشْتَرِهِ لِي مِنْهُمْ أَوْ اشْتَرِهِ لِي مِنْ مَالِي فَالْعَبْدُ لِلْآمِرِ.
لِأَنَّ أَهْلَ الْحَرْبِ مَلَكُوهُ فَهَذَا رَجُلٌ وَكَّلَ غَيْرَهُ بِأَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ عَبْدًا مِنْ مَوْلَاهُ، وَقَدْ اشْتَرَاهُ لَهُ، فَكَانَ مُطَالَبًا بِالثَّمَنِ مِنْ جِهَتِهِ، وَيُجْعَلُ هُوَ فِي حَقِّ الْمَوْلَى الْقَدِيمِ كَأَنَّهُ اشْتَرَاهُ بِنَفْسِهِ حَتَّى يَأْخُذَهُ مِنْهُ بِالثَّمَنِ إنْ شَاءَ، فَإِنْ وَجَدَهُ الْمَوْلَى الْقَدِيمُ فِي يَدِ الْمَأْمُورِ كَانَ هُوَ خَصْمًا لَهُ قَبْلَ أَنْ يَحْضُرَ الْآمِرُ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْأَخْذِ بِالثَّمَنِ قَدْ ثَبَتَ لَهُ بِعَقْدِ الْمَأْمُورِ، فَيَتَمَكَّنُ مِنْ أَخْذِهِ مِنْ مِلْكِهِ قَبْلَ حُضُورِ الْآمِرِ بِمَنْزِلَةِ الشَّفِيعِ فَإِنْ كَانَ الْأَجْنَبِيُّ قَالَ لِلْمُسْتَأْمَنِ: اشْتَرِهِ، فَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ هَذِهِ مَشُورَةٌ وَأَنَّ الْمُخَاطَبَ يَكُونُ مُشْتَرِيًا لِنَفْسِهِ، فَلِمَوْلَاهُ أَنْ يَأْخُذَهُ مِنْ يَدِهِ بِالثَّمَنِ.