3236 - فَإِنْ كَانَ فِدَاهُ بِأَكْثَرَ مِنْ الدِّيَةِ فَإِنَّمَا يَرْجِعُ عَلَى الْأَسِيرِ بِقَدْرِ الدِّيَةِ دُونَ الزِّيَادَةِ، وَقِيلَ يَنْبَغِي عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِجَمِيعِ مَا أَدَّى قَلَّ ذَلِكَ أَوْ كَثُرَ.
لِأَنَّهُ يُرَاعِي مُطْلَقَ الْأَمْرِ فِي الْوَكَالَاتِ.
3237 - وَالْأَصَحُّ أَنَّ هَذَا قَوْلُهُمْ جَمِيعًا.
لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ بِتَوْكِيلٍ بِالْمُبَادَلَةِ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى وَمِنْ حَيْثُ الصُّورَةِ، وَإِنْ كَانَ فَهُوَ تَوْكِيلٌ بِالشِّرَاءِ، وَأَبُو حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - يَقُولُ فِي التَّوْكِيلِ بِالشِّرَاءِ لَا يُخَالِفُهُمَا أَنَّهُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ تَنْفِيذٌ بِالشِّرَاءِ بِالْقِيمَةِ وَقِيمَةُ الْحُرِّ قَدْرُ دِيَتِهِ فَإِنَّهُ يَمْلِكُ مُطْلَقَ الْأَمْرِ أَنْ يُلْزِمَهُ بِالْفِدَاءِ مِقْدَارَ الدِّيَةِ دُونَ الزِّيَادَةِ عَلَى ذَلِكَ، فَإِذَا فَدَاهُ بِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ كَانَ هُوَ فِي الزِّيَادَةِ كَالْمُتَبَرِّعِ بِالْفِدَاءِ عَنْهُ بِغَيْرِ أَمْرِهِ، فَإِنَّمَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِقَدْرِ الدِّيَةِ دُونَ الزِّيَادَةِ.
فَإِنْ قِيلَ: إنْ كَانَ هُوَ فِي هَذَا الْعَقْدِ مُمْتَثِلًا لِأَمْرِهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ بِجَمِيعِ مَا فَدَاهُ بِهِ، وَإِنْ كَانَ مُخَالِفًا لِأَمْرِهِ فَيَنْبَغِي أَلَّا يَرْجِعَ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ كَالْوَكِيلِ بِالشِّرَاءِ إذَا خَالَفَ وَاشْتَرَى بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الْمَبِيعِ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ.
قُلْنَا: هَذَا إنَّمَا يَسْتَقِيمُ لَوْ كَانَ هَذَا الْعَقْدُ مُعَاوَضَةً عَلَى سَبِيلِ الْمُبَادَلَةِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، فَالْحُرُّ الْمُسْلِمُ لَيْسَ بِمَحَلٍّ لِذَلِكَ وَإِنَّمَا كَانَ الْآمِرُ مُسْتَقْرِضًا مِنْ الْمَأْمُورِ مِقْدَارَ دِيَتِهِ أَوْ دُونَ ذَلِكَ وَآمِرًا لَهُ أَنْ يَصْرِفَ ذَلِكَ فِي فِدَائِهِ، فَهُوَ فِي ذَلِكَ الْقَدْرِ يَكُونُ مُقْرِضًا إيَّاهُ، وَفِيمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ يَكُونُ مُتَبَرِّعًا بِهِ فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمَا أَقْرَضَهُ دُونَ مَا تَبَرَّعَ بِهِ.