{وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} [لقمان: 15] وَلَيْسَ مِنْ الْإِحْسَانِ وَالْمَعْرُوفِ أَنْ يَتْرُكَهُمَا بَعْدَ الْمَوْتِ جَزْرًا لِلسِّبَاعِ.
فَأَمَّا إذَا كَانَ هُنَاكَ مَنْ يَقُومُ بِذَلِكَ مِنْ أَقَارِبِهِمَا الْمُشْرِكِينَ فَالْأَوْلَى لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَدَعَ ذَلِكَ لَهُمْ. وَلَكِنْ يَتْبَعُ الْجِنَازَةَ إنْ شَاءَ عَلَى مَا رُوِيَ أَنَّ الْحَارِثَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ مَاتَتْ أُمُّهُ نَصْرَانِيَّةً، فَتَبِعَ جِنَازَتَهَا فِي رَهْطٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. إلَّا أَنَّهُ إذَا كَانَ مَعَ الْجِنَازَةِ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ دِينِهَا فَيَنْبَغِي لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَمْشِيَ نَاحِيَةً مِنْهُمْ، وَلَا يُخَالِطُهُمْ فَيَكُونُ مُكَثِّرًا سَوَادَ الْمُشْرِكِينَ، أَوْ يَمْشِيَ أَمَامَ الْجِنَازَةِ لِيَكُونَ مُعْتَزِلًا عَنْهُمْ.
158 - وَذَكَرَ عَنْ إبْرَاهِيمَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الصَّبِيِّ إذَا أَقَرَّ بِالْإِسْلَامِ وَأَسْلَمَ ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ. قَالَ: يُصَلَّى عَلَيْهِ. وَبِهِ نَقُولُ، فَإِنَّهُ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ تَمَّ إسْلَامُهُ، لِأَنَّ الصَّلَاةَ مِنْ شَرَائِعِ الْإِسْلَامِ لَا مِنْ نَفْسِ الْإِسْلَامِ. وَعَنْ سَلَمَةَ قَالَ: سَأَلْت الشَّعْبِيَّ عَنْ الصَّبِيِّ مَتَى يُصَلَّى عَلَيْهِ؟ قَالَ: إذَا صَلَّى فَصَلُّوا عَلَيْهِ. وَتَأْوِيلُ هَذَا فِيمَا إذَا لَمْ يُسْمَعْ مِنْهُ الْإِقْرَارُ بِالْإِسْلَامِ، وَلَكِنَّهُ صَلَّى مَعَ الْمُسْلِمِينَ بِالْجَمَاعَةِ، فَإِنَّ ذَلِكَ يُوجِبُ الْحُكْمُ بِإِسْلَامِهِ عِنْدَنَا، لِأَنَّ الْمُشْرِكِينَ