بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ} [الجمعة: 2] .
فَمَنْ يُقِرُّ مِنْهُمْ بِأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ لَا يَكُونُ مُسْلِمًا حَتَّى يَتَبَرَّأَ مِنْ دِينِهِ مَعَ ذَلِكَ، أَوْ يُقِرَّ بِأَنَّهُ دَخَلَ فِي الْإِسْلَامِ. حَتَّى إذَا قَالَ الْيَهُودِيُّ أَوْ النَّصْرَانِيُّ: أَنَا مُسْلِمٌ أَوْ أَسْلَمْت لَا يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ. لِأَنَّهُمْ لَا يَدَّعُونَ ذَلِكَ. فَإِنَّ الْمُسْلِمَ هُوَ الْمُسْتَسْلِمُ لِلْحَقِّ الْمُنْقَادُ لَهُ، وَهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّ الْحَقَّ مَا هُمْ عَلَيْهِ. فَلَا يَكُونُ مُطْلَقُ هَذَا اللَّفْظِ فِي حَقِّهِمْ دَلِيلَ الْإِسْلَامِ حَتَّى يَتَبَرَّأَ مِنْ دِينِهِ مَعَ ذَلِكَ.
كَذَلِكَ لَوْ قَالَ: بَرِئْت مِنْ الْيَهُودِيَّةِ وَلَمْ يَقُلْ مَعَ ذَلِكَ: دَخَلْت فِي الْإِسْلَامِ، فَإِنَّهُ لَا يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ، لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ تَبْرَأَ مِنْ الْيَهُودِيَّةِ وَدَخَلَ فِي النَّصْرَانِيَّةِ. فَإِنْ قَالَ مَعَ ذَلِكَ: وَدَخَلْت فِي الْإِسْلَامِ فَحِينَئِذٍ يَزُولُ هَذَا الِاحْتِمَالُ. وَقَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا: إذَا قَالَ: دَخَلْت فِي الْإِسْلَامِ، يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ وَإِنْ لَمْ يَتَبَرَّأْ مِمَّا كَانَ عَلَيْهِ. لِأَنَّ فِي لَفْظِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى دُخُولٍ حَادِثٍ مِنْهُ فِي السَّلَامِ، وَذَلِكَ غَيْرُ مَا كَانَ عَلَيْهِ. فَتَضَمُّنُ هَذَا اللَّفْظُ التَّبَرِّي مِمَّا كَانَ عَلَيْهِ.
وَلَوْ قَالَ الْمَجُوسِيُّ: أَسْلَمْت، أَوْ أَنَا مُسْلِمٌ، يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ. لِأَنَّهُمْ لَا يَدَّعُونَ هَذَا الْوَصْفَ لِأَنْفُسِهِمْ وَيَعُدُّونَهُ شَتِيمَةً بَيْنَهُمْ يَشْتُمُ الْوَاحِدُ مِنْهُمْ بِهِ وَلَدُهُ فَيَكُونُ ذَلِكَ دَلِيلَ الْإِسْلَامِ فِي حَقِّهِ. .
156 - وَذَكَرَ عَنْ الْحَسَنِ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَهُ فَقَالَ: يَا أَبَا سَعِيدٍ، قَدِمَتْ سَفِينَةٌ مِنْ الْهِنْدِ فَاشْتَرَيْت مِنْهَا عِلْجَةً مَسْبِيَّةً فَجِئْت بِهَا إلَى