لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ الرُّمْحِ مِنْ أَيِّ الْجَانِبَيْنِ شَاءَ، وَفَرَّقَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا سَبَقَ.
2962 - وَقَالَ: لَيْسَ هُنَاكَ فِي إلْقَاءِ نَفْسِهِ مَعْنَى النَّيْلِ مِنْ الْعَدُوِّ، وَهَا هُنَا فِي الْمَشْيِ إلَيْهِ فِي الرُّمْحِ مَعْنَى النَّيْلِ مِنْ الْعَدُوِّ وَالظَّفَرِ بِهِ، وَهَذَا الْقَصْدُ يُبِيحُ لَهُ الْإِقْدَامَ، وَهَذَا كُلُّهُ إنَّمَا يُمْكِنُ الْعَمَلُ فِيهِ بِغَالِبِ الرَّأْيِ.
لِأَنَّهُ لَا طَرِيقَ إلَى الْوُقُوفِ عَلَى حَقِيقَةِ الْأَمْرِ فِيهِ، وَغَالِبُ الرَّأْيِ كَالْيَقِينِ فِي مِثْلِهِ.
2963 - وَلَوْ أَنَّ مُسْلِمًا حَمَلَ عَلَى أَلْفِ رَجُلٍ وَحْدَهُ فَإِنْ كَانَ يَطْمَعُ أَنْ يَظْفَرَ بِهِمْ أَوْ يَنْكَأَ فِيهِمْ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ.
لِأَنَّهُ يَقْصِدُ بِفِعْلِهِ النَّيْلَ مِنْ الْعَدُوِّ.
2964 - وَقَدْ فَعَلَ ذَلِكَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -، غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْأَصْحَابِ يَوْمَ أُحُدٍ وَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -، وَبَشَّرَ بَعْضَهُمْ بِالشَّهَادَةِ حِينَ اسْتَأْذَنَهُ فِي ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ لَمْ يَطْمَعْ فِي نِكَايَةٍ فَإِنَّهُ يُكْرَهُ لَهُ هَذَا الصَّنِيعُ.
لِأَنَّهُ يُتْلِفُ نَفْسَهُ مِنْ غَيْرِ مَنْفَعَةٍ لِلْمُسْلِمِينَ، وَلَا نِكَايَةٍ فِيهِ لِلْمُشْرِكِينَ.