لِأَنَّهُ يَفْعَلُ ذَلِكَ لِغَرَضٍ صَحِيحٍ، وَهُوَ الْفِرَارُ عَنْ أَلَمِ السِّيَاطِ الْمُتَوَالِيَةِ، أَوْ عَنْ الْمُثْلَةِ فَيُرَخَّصُ لَهُ فِي ذَلِكَ.
2933 - وَكَذَلِكَ لَوْ أَمَرُوهُ بِأَنْ يُغْرِقَ نَفْسَهُ فِي مَاءِ فَهَذَا وَالْأَوَّلُ سَوَاءٌ.
وَلَوْ قُدِّمَ لِيُضْرَبَ عُنُقُهُ فَضَرَبُوهُ بِسَيْفٍ سُوءٍ فَقَالَ لَهُمْ: خُذُوا سَيْفِي هَذَا فَاقْتُلُونِي بِهِ لَمْ يَسَعْهُ ذَلِكَ، وَهُوَ آثِمٌ فِي مَقَالَتِهِ.
لِأَنَّهُ كَمَا لَا يَحِلُّ لَهُ قَتْلُ نَفْسِهِ بِحَالٍ لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَأْمُرَ بِقَتْلِ نَفْسِهِ، وَلِأَنَّهُ أَمْرَهُ إيَّاهُ بِالْقَتْلِ أَمْرٌ بِالْمَعْصِيَةِ وَلَا رُخْصَةَ لَهُ فِي الْأَمْرِ بِالْمَعْصِيَةِ.
2934 - وَلَكِنْ لَوْ لَمْ يَقُلْ اُقْتُلُونِي بِهِ وَلَكِنْ قَالَ: سَيْفِي أَجْوَدُ مِنْ هَذَا السَّيْفِ وَأَمْضَى فِيمَا تُرِيدُونَ، وَيُرِيدُ بِذَلِكَ الِاسْتِرَاحَةَ رَجَوْت أَنْ يَكُونَ فِي سَعَةٍ.
لِأَنَّهُ مَا أَمَرَهُمْ بِقَتْلِ نَفْسِهِ نَصًّا، وَلَهُ فِيمَا قَالَ غَرَضٌ صَحِيحٌ، وَهُوَ الِاسْتِرَاحَةُ مِمَّا يَلْحَقُهُ إذَا أَبْطَأَ عَلَيْهِ الْمَوْتُ، وَمَعَ هَذَا لَمْ يُطْلِقْ الْجَوَابَ فِيهِ بَلْ عَلَّقَهُ بِالرَّجَاءِ.
لِأَنَّ فِي مُنَاوَلَةِ السِّلَاحِ إيَّاهُمْ نَوْعَ إعَانَةٍ عَلَى قَتْلِ نَفْسِهِ، بِخِلَافِ مَا سَبَقَ مِنْ مَدِّ الْعُنُقِ وَلُبْسِ الثِّيَابِ وَصُعُودِ الْخَشَبَةِ.
2935 - وَعَلَى هَذَا لَوْ أَرَادُوا شَقَّ بَطْنِهِ فَقَالَ: لَا تَفْعَلُوا، وَلَكِنْ اضْرِبُوا عُنُقِي لَمْ يَسَعْهُ هَذَا.
لِأَنَّهُ تَصْرِيحٌ بِالْأَمْرِ بِالْمَعْصِيَةِ.