فَقَتَلَهُ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ وَأُحِبُّ لِلَّذِي أَعْطَاهُ أَنْ يَفِيَ لَهُ بِذَلِكَ وَلَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ قَتْلَ الْحَرْبِيِّ جِهَادٌ، فَمَنْ يُبَاشِرُهُ يَكُونُ عَامِلًا لِنَفْسِهِ أَوْ عَامِلًا لِلَّهِ تَعَالَى فِي إعْزَازِ الدِّينِ أَوْ الْجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ فِي دَفْعِ فِتْنَةِ الْمُحَارِبِ عَنْهُمْ، فَلَا يَسْتَوْجِبُ الْأَجْرَ عَلَى الَّذِي وَعَدَ لَهُ الْمَالَ، لَمَّا لَمْ يَكُنْ عَمَلُهُ لَهُ عَلَى الْخُلُوصِ، وَلَكِنْ إنْ وَفَى بِمَا وَعَدَ لَهُ عَلَى الْخُلُوصِ، فَهُوَ أَفْضَلُ. وَإِنْ أَبِي لَمْ يُجْبَرْ عَلَيْهِ فِي الْحُكْمِ.
- ثُمَّ رُوِيَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِيَاسِينَ بْنِ وَهْبٍ بَعْدَ مَا أَسْلَمَ: أَلَا تَرَى إلَى مَا هَمَّ بِهِ ابْنُ عَمِّك مِنْ قَتْلِي؟ فَقَالَ: أَنَا أَكْفِيك يَا رَسُولَ اللَّهِ فَاسْتَأْجَرَ رَجُلًا مِنْ الْعَرَبِ وَجَعَلَ لَهُ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ عَلَى أَنْ يَقْتُلَهُ. وَفِي رِوَايَةٍ: جَعَلَ لَهُ خَمْسَةَ أَوْسَاقٍ مِنْ تَمْرٍ عَلَى أَنْ يَقْتُلَهُ، فَقَتَلَهُ. وَهَذَا الْمَقْتُولُ عَمْرُو بْنُ جِحَاشٍ» . وَفِيهِ دَلِيلٌ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ، فَإِنَّ مَا أَعْطَاهُ كَانَ بِعِلْمِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا مَحَالَةَ.