لِأَنَّ هَذَيْنِ لِلْمَنْفَعَةِ لَا لِلزِّينَةِ، وَإِنَّمَا يُكْرَهُ مِنْ ذَلِكَ مَا يَكُونُ عَلَى قَصْدِ الزِّينَةِ. - عَلَى مَا رُوِيَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، أَمَرَ بِنَزْعِ ذَلِكَ، وَلَمَّا رَآهُ سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، فِي بَيْتٍ قَالَ: أَمَحْمُومٌ بَيْتُكُمْ هَذَا، أَوْ تَحَوَّلَتْ الْكَعْبَةُ فِي كِنْدَةَ؟ فَعَرَفْنَا أَنَّ ذَلِكَ مَكْرُوهٌ، لِمَا فِيهِ مِنْ تَشْبِيهِ سَائِرِ الْبُيُوتِ بِالْكَعْبَةِ.
ثُمَّ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، لَا بَأْسَ بِبَسْطِ الْحَرِيرِ لِلْجُلُوسِ وَالنَّوْمِ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ لَا بَأْسَ بِالتَّوَسُّدِ بِالْحَرِيرِ، وَإِنَّمَا يُكْرَهُ اللُّبْسُ فِي ذَلِكَ، وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - التَّوَسُّدُ بِالْحَرِيرِ وَالْجُلُوسُ عَلَيْهِ مَكْرُوهٌ كَلُبْسِهِ؛ وَذَلِكَ مَنْقُولٌ عَنْ عُبَيْدَة السَّلْمَانِيِّ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ
- وَلَا خِلَافَ أَنَّ الدِّثَارَ إذَا كَانَ مِنْ الْحَرِيرِ فَهُوَ مَكْرُوهٌ. وَاسْتَدَلَّ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بِحَدِيثِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ أُدْنِيَتْ إلَيْهِ بِالْمَدَائِنِ بَغْلَةُ الدِّهْقَانِ لِيَرْكَبَهَا، فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى قَرْبُوسِ السَّرْجِ، فَزَلَّتْ فَقَالَ: مَا هَذَا؟ قَالُوا: دِيبَاجٌ. فَكَرِهَ أَنْ يَرْكَبَهَا. قَالَ: وَلَوْ كَانَ هَذَا لَا بَأْسَ بِهِ أَنْ يَقْعُدَ عَلَيْهِ لَمْ يَكُنْ بِالْقُعُودِ عَلَى سَرِيرِ الذَّهَبِ بَأْسٌ.
لِأَنَّ التَّسْوِيَةَ بَيْنَهُمَا ثَابِتَةٌ فِي الْأَثَرِ، وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ مَكْرُوهًا بِالِاتِّفَاقِ فَهَذَا مِثْلُهُ، فَكَيْفَ يُرَخَّصُ فِي سَرِيرِ الذَّهَبِ أَنْ يَجْلِسَ، وَلَا رُخْصَةَ فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ فِي اسْتِعْمَالِهَا.