قَالَ: مَنْ هَؤُلَاءِ؟ فَقِيلَ: يَهُودُ بَنِي فُلَانٍ، حُلَفَاءُ ابْنِ أُبَيٍّ فَقَالَ: إنَّا لَا نَسْتَعِينُ بِمَنْ لَيْسَ عَلَى دِينِنَا» تَأْوِيلُهُ أَنَّهُمْ كَانُوا أَهْلَ مَنَعَةٍ، وَكَانُوا يُقَاتِلُونَ تَحْتَ رَايَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -، وَعِنْدَنَا إذَا كَانُوا بِهَذِهِ الصِّفَةِ فَإِنَّهُ يُكْرَهُ الِاسْتِعَانَةُ بِهِمْ.
- وَاخْتَلَفَتْ الرِّوَايَاتُ فِي سَبَبِ رُجُوعِ ابْنِ أُبَيٍّ يَوْمَ أُحُدٍ، فَرُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ، - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -، لَمَّا لَمْ يَأْخُذْ بِرَأْيِهِ حِينَ أَشَارَ إلَيْهِ بِأَلَّا يَخْرُجَ مِنْ الْمَدِينَةِ غَاظَهُ ذَلِكَ، فَانْصَرَفَ وَقَالَ: أَطَاعَ الصِّبْيَانَ، وَخَالَفَنِي فِيمَا نَصَحْت لَهُ.
2753 - وَرُوِيَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -، رَدَّهُ حِينَ عَرَضَ عَلَيْهِ أَنْ يَخْرُجَ فَيُقَاتِلَ مَعَهُ، فَقَالَ: لَا، إنَّا لَا نَسْتَعِينُ بِمُشْرِكٍ» ، وَإِنَّمَا كَرِهَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مَعَهُ سَبْعُمِائَةٍ مِنْ يَهُودِ بَنِي قَيْنُقَاعَ مِنْ حُلَفَائِهِ، فَخَشِيَ أَنْ يَكُونُوا عَلَى الْمُسْلِمِينَ إنْ أَحَسُّوا بِهِمْ زَلَّةَ قَدَمٍ، فَلِهَذَا رَدَّهُمْ. وَعِنْدَنَا إذَا رَأَى الْإِمَامُ الصَّوَابَ فِي أَلَّا يَسْتَعِينَ بِالْمُشْرِكِينَ لِخَوْفِ الْفِتْنَةِ فَلَهُ أَنْ يَرُدَّهُمْ.
2754 - ثُمَّ ذَكَرَ حَدِيثَ الزُّبَيْرِ، - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، حِينَ كَانَ عِنْدَ النَّجَاشِيِّ فَنَزَلَ بِهِ عَدُوُّهُ فَأَبْلَى يَوْمَئِذٍ مَعَ النَّجَاشِيِّ بَلَاءً حَسَنًا. فَكَانَ لِلزُّبَيْرِ عِنْدَ النَّجَاشِيِّ بِهَا مَنْزِلَةٌ حَسَنَةٌ، فَبِظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيثِ يَسْتَدِلُّ مَنْ يُجَوِّزُ قِتَالَ الْمُسْلِمِينَ مَعَ الْمُشْرِكِينَ تَحْتَ رَايَتِهِمْ، وَلَكِنْ تَأْوِيلُ هَذَا مِنْ وَجْهَيْنِ عِنْدَنَا: