- وَذَكَرَ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ: «قَضَتْ السُّنَّةُ أَنْ لَا يَسْتَرِقَّ كَافِرٌ مُسْلِمًا» . قَالَ: وَبِهِ نَأْخُذُ إذَا أَسْلَمَ عَبْدُ الْكَافِرِ لَمْ يُتْرَكْ يَسْتَرِقُّهُ وَيُجْبَرُ عَلَى بَيْعِهِ.
حُمِلَ الْحَدِيثُ عَلَى اسْتِدَامَةِ الْمِلْكِ وَالِاسْتِخْدَامِ قَهْرًا بِمِلْكِ الْيَمِينِ، لِأَنَّ الِاسْتِرْقَاقَ مُسْتَدَامٌ، وَالِاسْتِدَامَةُ فِيمَا يُسْتَدَامُ كَالْإِنْشَاءِ. وَقِيلَ: الْمُرَادُ ابْتِدَاءُ الِاسْتِرْقَاقِ فِي الْحُرِّ الْمُسْلِمِ. فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَثْبُتُ لِلْكَافِرِ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَخَذَهُ وَاسْتَعْبَدَهُ. وَهَذَا لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الْإِسْلَامُ يَعْلُو وَلَا يُعْلَى» . وَالْمُرَادُ بِهِ الْحُكْمُ دُونَ الْإِخْبَارِ عَنْ الْحُسْنِ، فَإِنَّ ذَلِكَ يَتَحَقَّقُ. وَلَا يَجُوزُ الْخَلْفُ فِيمَا أَخْبَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. ثُمَّ الْمُسْلِمُ مَصُونٌ عَنْ إذْلَالِ الْكَافِرِ إيَّاهُ شَرْعًا، وَفِي تَبْدِيلِ صِفَةِ الْمَالِكِيَّةِ بِالْمَمْلُوكِيَّةِ إذْلَالٌ، وَفِي الِاسْتِخْدَامِ قَهْرٌ، وَاسْتِدَامَةُ الْمِلْكِ فِيهِ إذْلَالٌ أَيْضًا، فَيُصَانُ الْمُسْلِمُ عَنْ ذَلِكَ بِأَنْ يُجْبَرَ الْكَافِرُ عَلَى بَيْعِهِ وَلَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ، لِأَنَّ مَالِيَّتَهُ فِيهِ مَصُونَةٌ عَنْ الْإِتْلَافِ بِعَقْدِ الذِّمَّةِ. وَالسَّبَبُ الَّذِي اعْتَرَضَ بَيْنَهُمَا غَيْرُ مُؤَثِّرٍ فِي إيجَابِ الصِّلَةِ لَهُ عَلَيْهِ. وَلِهَذَا لَا يَعْتِقُ، بِخِلَافِ الْقَرِيبِ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ عَلَى قَرِيبِهِ إذَا مَلَكَهُ. لِأَنَّ لِلْقَرَابَةِ تَأْثِيرًا فِي اسْتِحْقَاقِ الصِّلَةِ.
- قَالَ: وَيَنْبَغِي لِلرَّجُلِ إذَا أَسْلَمَ أَنْ يَغْتَسِلَ عَنْ الْجَنَابَةِ، لِأَنَّ الْمُشْرِكِينَ لَا يَغْتَسِلُونَ عَنْ الْجَنَابَةِ وَلَا يَدْرُونَ كَيْفَ الْغُسْلُ فِي ذَلِكَ.