لِأَنَّ مُوجِبَ جِنَايَةِ الْمُدَبَّرِ عَلَى مَوْلَاهُ وَلَا يَدْرِي مَنْ الْمَوْلَى مِنْهُمَا. وَالْقَضَاءُ عَلَى الْمَجْهُولِ بِالْقِيمَةِ غَيْرُ مُمْكِنٍ، هَذَا هُوَ الْقِيَاسُ وَلَكِنْ اسْتَحْسَنَ مُحَمَّدٌ فَقَالَ: يَسْعَى فِي الْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهِ وَمِنْ أَرْشِ الْجِنَايَةِ، لِأَنَّ كَسْبَهُ مَمْلُوكٌ لِمَوْلَاهُ، وَأَرْشُ جِنَايَتِهِ عَلَى مَوْلَاهُ، بِاعْتِبَارِ أَنَّ الْكَسْبَ لَهُ.
أَلَا تَرَى أَنَّ الْمُكَاتَبَ لَمَّا كَانَ أَحَقَّ بِكَسْبِهِ كَانَ مُوجِبُ جِنَايَتِهِ عَلَى نَفْسِهِ، فَإِذَا قَضَيْنَا بِالْأَقَلِّ فِي كَسْبِهِ فَقَدْ قَضَيْنَا عَلَى مَوْلَاهُ بِيَقِينٍ.
وَأَصْلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَا ذَكَرْنَا فِي شَرْحِ الْمُخْتَصَرِ، جَارِيَةٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ أَقَرَّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّهَا أُمُّ وَلَدٍ لِصَاحِبِهِ، وَفِيهِ قَوْلَانِ لِأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَقَدْ بَيَّنَّاهُ ثَمَّةَ.
2500 - فَإِنْ جَنَى عَلَيْهِ كَانَ الْأَرْشُ مَوْقُوفًا لِتَوَقُّفِ الْمِلْكِ فِي نَفْسِهِ، فَإِنْ احْتَاجَ إلَى نَفَقَةٍ، وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى كَسْبٍ لِمَرَضٍ، أَنْفَقَ عَلَيْهِ مِنْ أَرْشِ الْجِنَايَةِ.
لِأَنَّهُ مَالُ مَوْلَاهُ بِيَقِينٍ، وَنَفَقَةُ الْمَمْلُوكِ عِنْدَ عَجْزِهِ عَنْ الْكَسْبِ عَلَى مَوْلَاهُ، وَإِنْ كَانَ يَقْدِرُ عَلَى الْعَمَلِ وَلَا أَرْشَ لَهُ فَنَفَقَتُهُ عَلَى نَفْسِهِ.
وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْعَمَلِ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ بِمَنْزِلَةِ حُرٍّ مَرِيضٍ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْكَسْبِ، وَلَيْسَ لَهُ قَرِيبٌ يَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ.
2501 - وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا اشْتَرَى جَارِيَةً شِرَاءً فَاسِدًا وَقَبَضَهَا، ثُمَّ أَقَرَّ أَنَّهَا مُدَبَّرَةٌ لِفُلَانٍ، فَقَالَ فُلَانٌ: هِيَ جَارِيَتِي، وَلَيْسَتْ بِمُدَبَّرَتِي، فَإِنَّهُ يَأْخُذُهَا أَمَةً لَهُ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ لَهُ بِالْمِلْكِ، وَشَهِدَ عَلَيْهِ بِالتَّدْبِيرِ، فَيَصِحُّ إقْرَارُهُ فِيمَا أَقَرَّ بِهِ لَهُ، لِوُجُودِ التَّصْدِيقِ