لِأَنَّ وُجُوبَ الْخُمُسِ فِي الْغَنِيمَةِ لِإِظْهَارِ شَرَفِهِ حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّهُ كَسْبٌ حَصَلَ بِأَشْرَفِ الْجِهَاتِ.
- وَإِنْ كَانَ أَمِيرُ الثَّغْرِ هُوَ الَّذِي بَعَثَ السَّرِيَّةَ لِقَطْعِ الْخَشَبِ، وَأَخَذَ الْمِلْحِ، وَنَفَّلَ لَهُمْ مِنْ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ يَصِحُّ مِنْ تَنْفِيلِهِ مَا يَصِحُّ مِنْ الْأَمِيرِ الْأَعْظَمِ. لِأَنَّهُ حِينَ فَوَّضَ إلَيْهِ تَدْبِيرَ الثَّغْرِ فَقَدْ أَقَامَهُ فِي ذَلِكَ مَقَامَ نَفْسِهِ، فَيَصِحُّ مِنْهُ مَا يَصِحُّ مِنْ الْأَمِيرِ الْأَعْظَمِ، مَا لَمْ يَنْهَهُ عَنْ التَّنْفِيلِ. ثُمَّ بَيَّنَ مَا إذَا خَصَّ الْإِمَامُ نَفْسَهُ أَوْ غَيْرَهُ بِالتَّنْفِيلِ، وَقَدْ بَيَّنَّا حُكْمَ ذَلِكَ فَقَالَ:
2379 - فِي الْجُمْلَةِ لَوْ خَصَّ وَلَدَهُ أَوْ وَالِدَهُ بِالتَّنْفِيلِ فَذَلِكَ صَحِيحٌ مِنْهُ، كَمَا لَوْ خَصَّ أَجْنَبِيًّا آخَرَ، وَهَذَا لِتَبَايُنِ الْمِلْكِ بَيْنَ الْوَلَدِ وَالْوَالِدِ، بِخِلَافِ الْعَبْدِ وَالْمُكَاتَبِ، فَإِذَا كَانَ يَصِحُّ مِنْهُ التَّنْفِيلُ فِي حَقِّ نَفْسِهِ، إذَا عَمَّ بِهِ جَمَاعَةُ الْمُسْلِمِينَ، فَهَا هُنَا أَوْلَى. لِأَنَّ مَنْفَعَتَهُ فِيمَا يَحْصُلُ لِوَلَدِهِ وَوَالِدِهِ دُونَ مَنْفَعَتِهِ فِيمَا يَحْصُلُ لَهُ. ثُمَّ ذَكَرَ حَدِيثَ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ.
2380 - «أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَشْجَعَ جَاءَ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -، فَشَكَا إلَيْهِ الْحَاجَةَ فَقَالَ: اصْبِرْ، ثُمَّ ذَهَبَ فَأَصَابَ مِنْ الْعَدُوِّ غَنِيمَةً، وَأَتَى بِهَا النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -،