وَمِنْهُ عَادَةُ الْأُمَرَاءِ فِي حَمْلِ السِّلَاحِ أَمَامَهُمْ. وَفِيهِ دَلِيلٌ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِلُبْسِ الثَّوْبِ الْأَحْمَرِ، وَأَنَّ الْمُصَلِّي فِي الصَّحْرَاءِ يَنْبَغِي أَنْ يَتَّخِذَ السُّتْرَةَ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَأَنَّهُ إذَا كَانَتْ السُّتْرَةُ بَيْنَ يَدَيْ الْإِمَامِ خَاصَّةً فَذَلِكَ يَكْفِي. وَلَا تُشْتَرَطُ السُّتْرَةُ بَيْنَ يَدَيْ الْقَوْمِ، [لِأَنَّ الْإِمَامَ] بِمَنْزِلَةِ السُّتْرَةِ لِلصَّفِّ الْأَوَّلِ، وَالصَّفُّ الْأَوَّلُ لِلثَّانِي. وَأَنَّهُ لَا يُمْنَعُ أَحَدٌ مِنْ الْمُرُورِ وَرَاءَ السُّتْرَةِ؛ لِأَنَّ السُّتْرَةَ تَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُصَلِّي بِمَنْزِلَةِ الْحَائِطِ. وَالْمَقْصُودُ مِنْ السُّتْرَةِ أَنْ يَعْلَمَ بِهِ مَنْ يَكُونُ بِالْبُعْدِ مِنْهُ فَلَا يَمُرُّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ السُّتْرَةِ، وَلَا يَمْتَنِعُ مِنْ الْمُرُورِ وَرَاءَهُ، وَلَا يَحْصُلُ ذَلِكَ إلَّا إذَا كَانَ طَوِيلًا غَلِيظًا. فَقِيلَ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ طُولُهُ ذِرَاعًا وَغِلْظَتُهُ بِقَدْرِ الْإِصْبَعِ، لِمَا قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «يُجْزِئُ مِنْ السُّتْرَةِ السَّهْمُ» . وَاَللَّهُ الْمُعِينُ.