عَارِيَّةٍ، لِلْمُسْتَأْمَنِينَ أَوْ الَّذِينَ أَسْلَمُوا فِي دَارِ الْحَرْبِ، فَلَا سَبِيلَ لِأَهْلِ الْعَسْكَرِ عَلَيْهِ.
لِأَنَّ الثَّابِتَ بِالْبَيِّنَةِ كَالثَّابِتِ بِالْمُعَايَنَةِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ أَهْلَ الْعَسْكَرِ لَا يَثْبُتُ حَقُّهُمْ فِي مِلْكِ الْمُسْتَأْمَنِينَ، وَكَذَلِكَ فِي مِلْكِ الَّذِي أَسْلَمَ فِي دَارِ الْحَرْبِ؛ لِأَنَّ يَدَ مُودِعِهِ كَيَدِهِ، فَيَكُونُ إحْرَازُهُ فِي هَذَا الْمَالِ أَسْبَقَ مِنْ إحْرَازِ الْمُسْلِمِينَ، وَمَا كَانَ أَوْدَعَهُمْ الْأَسِيرُ أَوْ أَهْلُ الْحَرْبِ أَوْ مُرْتَدُّونَ فِي دَارِ الْحَرْبِ، فَهُوَ فَيْءٌ كُلُّهُ؛ لِأَنَّ يَدَ الْمُودَعِ كَيَدِ الْمُودِعِ وَهُوَ بِنَفْسِهِ لَوْ أَحْرَزَ ذَلِكَ بِمَنْعِهِ الْجَيْشَ كَانَ فَيْئًا، فَكَذَلِكَ إذَا جَاءَ بِهِ مُودِعُهُ إلَّا فِي خَصْلَةٍ وَاحِدَةٍ؛ إنْ شَهِدَ الشُّهُودُ أَنَّهُمْ آمَنُوهُ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ، ثُمَّ أَوْدَعَهُمْ فَحِينَئِذٍ لَا يَنْبَغِي لِلْمُسْلِمِينَ أَنْ يَتَعَرَّضُوا لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ أَنَّهُ مَالُ مُسْتَأْمَنٍ، وَهُوَ لَوْ جَاءَ بِنَفْسِهِ مُسْتَأْمَنًا إلَيْنَا لَمْ يَكُنْ لَنَا أَنْ نَعْرِضَ لِشَيْءٍ مِنْ مَالِهِ، فَكَذَلِكَ إذَا جَاءَ بِهِ مُودِعُهُ.
2085 - وَإِنْ كَانَ الْأَسِيرُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ آمَنَهُ حِينَ دَفَعَ ذَلِكَ إلَيْهِمْ، فَهُوَ فَيْءٌ.
لِأَنَّ أَمَانَ الْأَسِيرِ إيَّاهُ، وَهُوَ مَقْهُورٌ فِي أَيْدِيهِمْ، بَاطِلٌ، فَكَانَ وُجُودُهُ كَعَدَمِهِ، أَوْ يُجْعَلُ فِي الْحُكْمِ كَأَنَّ الْأَسِيرَ هُوَ الَّذِي جَاءَ بِنَفْسِهِ فَأَوْدَعَهُمْ هَذَا الْمَالَ حَتَّى رَجَعَ.
2086 - وَلَوْ زَعَمَ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْمَالِ أَنَّهُمْ غَصَبُوهُ مِنْ مُسْتَأْمَنٍ