الْمَكَانِ، فَإِنْ كَانَ الْمَكَانُ طَاهِرًا فَلا بَأْسَ.
قُلْتُ: وَكَذَلِكَ الْمَزْبَلَةُ، وَالْمَجْزَرَةُ، وَقَارِعَةُ الطَّرِيقِ، فَالنَّهْيُ عَنِ الصَّلاةِ فِيهَا لِنَجَاسَتِهَا، وَفِي قَارِعَةِ الطَّرِيقِ مَعْنًى آخَرَ، وَهُوَ أَنَّ اخْتِلافَ الْمَارَّةِ يَشْغَلُهُ عَنِ الصَّلاةِ.
وَأَمَّا فَوْقَ ظَهْرِ بَيْتِ اللَّهِ، فَلا تَصِحُّ صَلاتُهُ، إِذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَ يَدَيْهِ مِنْ بِنَاءِ الْبَيْتِ شَيْءٌ، فَإِنْ كَانَ بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْبِنَاءِ قَدْرُ مُؤَخَّرَةِ الرَّحْلِ تَجُوزُ، وَجَوَّزَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَ يَدَيْهِ شَيْءٌ، كَمَا لَوْ صَلَّى عَلَى أَبِي قُبَيْسٍ مُتَوَجِّهًا إِلَى هَوَاءِ الْبَيْتِ يَجُوزُ.
وَاحْتَجَّ مَنْ جَوَّزَ الصَّلاةَ فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ إِذَا كَانَ الْمَكَانُ طَاهِرًا بِمَا رُوِيَ عَنْ جَابِرٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «جُعِلَتْ لِي الأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا».
وَيُقَالُ: حَدِيثُ جَابِرٍ إِنَّمَا سِيقَ لِإِظْهَارِ فَضِيلَةِ هَذِهِ الأُمَّةِ، حَيْثُ رُخِّصَ لَهُمْ فِي الطّهُورِ بِالأَرْضِ، وَالصَّلاةِ فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي لَمْ تُبْنَ لِلصَّلاةِ مِنْ بِقَاعِهَا، وَكَانَتِ الأُمَمُ الْمُتَقَدِّمَةُ لَا يُصَلُّونَ إِلا فِي كَنَائِسِهِمْ وَبِيَعِهِمْ، فَيَجُوزُ أَنْ يَدْخُلَ فِيهَا التَّخْصِيصُ.
وَلَوْ بَنَى مَسْجِدًا فِي الطَّرِيقِ، بِحَيْثُ لَا يُضِرُّ بِالنَّاسِ، فَلا بَأْسَ، وَبِهِ قَالَ الْحَسَنُ، وَأَيُّوبُ، وَمَالِكٌ، قَالَتْ عَائِشَةُ، ثُمَّ بَدَا لأَبِي بَكْرٍ، فَابْتَنَى مَسْجِدًا بِفِنَاءِ دَارِهِ، فَكَانَ يُصَلِّي فِيهِ.