يَتَطَاوَلَ النَّاسُ فِي الْبُنْيَانِ، وَحَتَّى يَمُرَّ الرَّجُلُ بِقَبْرِ الرَّجُلِ، فَيَقُولُ: يَا لَيْتَنِي مَكَانَهُ، وَحَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا، فَإِذَا طَلَعَتْ وَرَآهَا النَّاسُ أَجْمَعُونَ، فَذَلِكَ حِينَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ، أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا، وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَةُ وَقَدْ نَشَرَ الرَّجُلانِ ثَوْبَهُمَا بَيْنَهُمَا، فَلا يَتَبَايَعَانِهِ، وَلا يَطْوِيَانِهِ، وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَةُ وَقَدِ انْصَرَفَ الرَّجُلُ بِلَبَنِ لِقْحَتِهِ، فَلا يَطْعَمُهُ، وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَةُ وَقَدْ رَفَعَ أَكْلَتَهُ إِلَى فِيهِ فَلا يَطْعَمُهَا ".
هَذَا كُلُّهُ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهَا
قَوْلُهُ: «دَجَّالُونَ كَذَّابُونَ»، وَكُلُّ كَذَّابٍ دَجَّالٌ، يُقَالُ: دَجَلَ فُلانٌ الْحَقَّ بِبَاطِلِهِ، أَيْ: غَطَّاهُ، وَبَعِيرٌ مُدَجَّلٌ: إِذَا كَانَ مَطْلِيًّا بِالْقَطِرَانِ، وَمِنْهُ أَخْذُ الدَّجَّالِ، وَدَجَلَهُ سِحْرُهُ وَكَذِبُهُ، وَقِيلَ: سُمِّيَ الدَّجَّالُ دَجَّالا لِتَمْوِيهِهِ عَلَى النَّاسِ وَتَلْبِيسِهِ، يُقَالُ: دَجَلَ: إِذَا مَوَّه وَلَبَّسَ، وَقِيلَ: سُمِّيَ بِهِ لِضَرْبِهِ فِي الأَرْضِ وَقَطْعِهِ أَكْثَرَ نَوَاحِيهَا، يُقَالُ: دَجَلَ الرَّجُلُ: إِذَا فَعَل ذَلِكَ.
قَوْلُهُ: «يَتَقَارَبُ الزَّمَانُ»، قِيلَ: هُوَ دُنُوِّ زَمَانِ السَّاعَةِ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ قِصَرُ الأَعْمَارِ، وَقِلَّةُ الْبَرَكَةِ فِيهَا، وَقِيلَ: قِصَرُ مُدَّةِ الأَيَّامِ وَاللَّيَالِي، كَمَا يُرْوَى: «الزَّمَانُ يَتَقارَبُ حَتَّى يَكُونَ السَّنَةُ كَالشَّهْرِ، وَالشَّهْرِ كَالْجُمُعَةِ، وَالْجُمُعَةِ كَالْيَوْمِ، وَالْيَوْمُ كَالسَّاعَةِ، وَالسَّاعَةُ كَاحْتِرَاقِ السَّعْفَةِ».