وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: إِذَا خَافَ فَوْتَ صَلاةِ الْجِنَازَةِ، أَوْ صَلاةِ الْعِيدِ، لَوِ اشْتَغَلَ بِالْوُضُوءِ صَلَّى بِالتَّيَمُّمِ مَعَ وُجُودِ الْمَاءِ، ولَمْ يُجَوِّزُوا صَلاةَ الْجُمُعَةِ بِالتَّيَمُّمِ مَعَ وُجُودِ الْمَاءِ، وَإِنْ خَافَ فَوْتَهَا مَعَ كَوْنِهَا آكَدَ مِنْ صَلاةِ الْجِنَازَةِ وَالْعِيدِ.
فَلا يَجُوزُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أَدَاءُ صَلاةٍ مَا بِالتَّيَمُّمِ، وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَى الْوُضُوءِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فِي الْمِصْرِ مَاءً، صَلَّى بِالتَّيَمُّمِ، وَأَعَادَ إِذَا قَدَرَ عَلَى الْمَاءِ، وَبِهِ قَالَ عَطَاءٌ: إِنَّهُ يُصَلِّي بِالتَّيَمُّمِ، وَكَذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُّ: «إِذَا لَمْ يَجِدْ مَاءً وَلا تُرَابًا، صَلَّى لِحَقِّ الْوَقْتِ، ثُمَّ أَعَادَ إِذَا قَدَرَ عَلَى أَحَدِ الطَّهُورَيْنِ».
وَقَالَ الْحَسَنُ فِي الْمَرِيضِ عِنْدَهُ الْمَاءُ وَلا يَجِدُ مَنْ يُنَاوِلُهُ: تَيَمَّمَ، وَأَوْجَبَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ إِعَادَةَ الصَّلاةِ إِذَا قَدَرَ عَلَى مَنْ يُنَاوِلُهُ الْمَاءَ، فَأَمَّا مَنْ صَلَّى بِالتَّيَمُّمِ فِي السَّفَرِ لِعَدَمِ الْمَاءِ، أَوْ تَيَمَّمَ لِمَرَضٍ مُخْوِفٍ فِي السَّفَرِ أَوِ الْحَضَرِ، ثُمَّ بَرَأَ، أَوْ قَدَرَ عَلَى اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ، فَلا قَضَاءَ عَلَيْهِ، سَوَاءٌ كَانَ جُنُبًا أَوْ مُحْدِثًا، وَسَوَاءٌ كَانَ الْوَقْتُ بَاقِيًا أَوْ فَائِتًا، وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ.
رُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ أَقْبَلَ مِنَ الْجُرْفِ، حَتَّى إِذَا كَانَ بِالْمِرْبَدِ تَيَمَّمَ فَمَسَحَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ، وَصَلَّى الْعَصْرَ، ثُمَّ دَخَلَ الْمَدِينَةَ وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ، وَلَمْ يُعِدِ الصَّلاةَ، وَهَذَا قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَالشَّعْبِيِّ، وَإِلَيْهِ