قَالَ: «إِنَّ الْكَيِّسَ مَنْ دَانَ نَفْسَهُ، وَعَمِلَ لِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ، وَإِنَّ الْعَاجِزَ مَنْ أَتْبَعَ نَفْسَهُ هَوَاهَا، وَتَمَنَّى عَلَى اللَّهِ»
قَوْلُهُ: «دَانَ نَفْسَهُ» أَيِ: اسْتَعْبَدَهَا، وَأَذَلَّهَا يُقَالُ: دِنْتُ الْقَوْمَ أَدِينُهُمْ: إِذَا فَعَلْتُ ذَلِكَ بِهِمْ، وَقِيلَ: «دَانَ نَفْسَهُ»، أَيْ: حَاسَبَ نَفْسَهُ فِي الدُّنْيَا قَبْلَ أَنْ يُحَاسَبَ فِي الْقِيَامَةِ.
قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: حَاسِبُوا أَنْفُسَكُمْ قَبْلَ أَنْ تُحَاسَبُوا، وَزِنُوا أَنْفُسَكُمْ قَبْلَ أَنْ تُوزَنُوا، وَتَجَهَّزُوا لِلْعَرْضِ الأَكْبَرِ، وَإِنَّمَا يَخِفُّ الْحِسَابُ يَوْمَئِذٍ عَلَى مَنْ حَاسَبَ نَفْسَهُ فِي الدُّنْيَا، وَقَالَ: كَفَى بِالْمَرْءِ سَرَفًا أَنْ يَأْكُلَ كُلَّ مَا اشْتَهَى، قَالَ أَبُو حَازِمٍ: شَيْئَانِ إِذَا عَمِلْتَ بِهِمَا أَصَبْتَ بِهِمَا خَيْرَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، قِيلَ: مَا هُمَا؟ قَالَ: تَحَمُّلُ مَا تَكْرَهُ إِذَا أَحَبَّهُ اللَّهُ، وَتَتْرُكَ مَا تُحِبُّ إِذَا كَرِهَ اللَّهُ.
وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: الْحَقُّ ثَقِيلٌ مَرِيٌّ، وَالْبَاطِلُ خَفِيفٌ وَبِيٌّ، وَرُبَّ شَهْوَةِ سَاعَةٍ، أَوْرَثَتْ حُزْنًا طَوِيلا.
وَيُرْوَى مِثْلُهُ، عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ.
قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ: لَوْلا ثَلاثٌ، لَصَلُحَ النَّاسُ: شُحٌّ مُطَاعٌ، وَهَوًى مُتَّبَعٌ، وَإِعْجَابُ الْمَرْءِ بِنَفْسِهِ.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَيَأْتِيَنَّ عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يَكُونُ هِمَّةُ أَحَدِهِمْ فِيهِ بَطْنَهُ وَدِينُهُ هَوَاهُ.