قَالَ الإِمَامُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: وَفِي حَدِيثِ عَمَّارٍ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَسْحَ الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ كَافٍ لِلْجُنُبِ كَمَا يَكْفِي لِلْمُحْدِثِ، فَمَسْحُ الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ بِالتُّرَابِ تَارَةً يَكُونُ بَدَلا عَنْ غَسْلِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ فِي حَقِّ الْمُحْدِثِ، وَتَارَةً يَكُونُ بَدَلا عَنْ غَسْلِ جَمِيعِ الْبَدَنِ فِي حَقِّ الْجُنُبِ، وَالْحَائِضِ، وَالْمَيِّتِ، عِنْدَ الْعَجْزِ عَنِ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ لِعَدَمٍ، أَوْ مَرَضٍ يُخَافُ مِنْهُ الْهَلاكُ أَوْ زِيَادَةُ الْمَرَضِ، وَتَارَةً يَكُونُ بَدَلا عَنْ غَسْلِ لُمْعَةٍ مِنْ بَدَنِهِ بِأَنْ كَانَ عَلَى عُضْوٍ مِنْ أَعْضَاءِ طَهَارَتِهِ جُرْحٌ يَخَافُ مِنْ إِيصَالِ الْمَاءِ إِلَيْهِ الْهَلاكَ، أَوْ تَلَفَ الْعُضْوِ، أَوْ زِيَادَةَ الْوَجَعِ، فَعَلَيْهِ أَنْ يَغْسِلَ الصَّحِيحَ مِنْ أَعْضَائِهِ، وَيَتَيَمَّمَ بِالتُّرَابِ عَلَى الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ بَدَلا عَنْ غَسْلِ مَوْضِعِ الْجُرْحِ.
وَإِذَا ضَرَبَ يَدَهُ عَلَى التُّرَابِ، فَعَلِقَ بِهَا تُرَابٌ كَثِيرٌ، فَلا بَأْسَ أَنْ يَنْفُخَ فِيهَا حَتَّى يَخِفَّ مَا عَلَيْهَا مِنَ التُّرَابِ، كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ، فَلَوْ أَزَالَ بِالنّفخ جَمِيعَ مَا عَلَيْهَا مِنَ التُّرَابِ لَمْ يَصِحَّ تَيَمُّمُهُ عِنْدَ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنَّهُ يَجُوزُ، وَهُوَ قَوْلُ أَصْحَابِ الرَّأْيِ، حَتَّى قَالُوا: لَوْ ضَرَبَ يَدَهُ عَلَى صَخْرَةٍ صَمَّاءَ لَا غُبَارَ عَلَيْهَا، فَمَسَحَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ جَازَ، وَالأَوَّلُ أَوْلَى، لِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {