رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّهُمْ يَرْجُو أَنْ يُعْطَاهَا، فَقَالَ: «أَيْنَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ؟» قَالُوا: هُوَ يَا رَسُولَ اللَّهِ يَشْتَكِي عَيْنَيْهِ، قَالَ: «فَأَرْسِلُوا إِلَيْهِ»، فَأُتِيَ بِهِ، فَبَصَقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي عَيْنَيْهِ، وَدَعَا لَهُ، فَبَرَأَ حَتَّى كَأَنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ وَجَعٌ فَأَعْطَاهُ الرَّايَةَ، فَقَالَ عَلِيٌّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أُقَاتِلُهُمْ حَتَّى يَكُونُوا مِثْلَنَا؟ قَالَ: «انْفُذْ عَلَى رِسْلِكَ حَتَّى تَنْزِلَ بِسَاحَتِهِمْ، ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى الإِسْلامِ، وَأَخْبِرْهُمْ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ مِنْ حَقِّ اللَّهِ فِيهِ، فَوَاللَّهِ لأَنْ يَهْدِيَ اللَّهُ بِكَ رَجُلا وَاحِدًا خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَكَ حُمْرُ النَّعَمِ».
هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، أَيْضًا عَنْ قُتَيْبَةَ بْنِ سَعِيدٍ
قَوْلُهُ: «يَدُوكُونَ»، أَيْ: يَخُوضُونَ، يُقَالُ: النَّاسُ فِي دَوْكَةٍ، أَيْ فِي اخْتِلاطٍ وَخَوْضٍ، وَأَصْلُهُ مِنَ الدَّوْكِ، وَهُوَ السَّحْقُ، وَتُسَمَّى صَلابَةُ الطِّيبِ مَدَاكًا، شَبَّهَ الأَمْرَ فِيهِ بِمَنْ دَقَّ شَيْئًا لِيَسْتَخْرِجَ لُبَّهُ وَيَعْلَمَ بَاطِنَهُ، وَأَرَادَ بِحُمْرِ النَّعَمِ: حُمْرَ الإِبِلِ وَهِيَ أَعَزُّهَا وَأَنْفَسُهَا يُرِيدُ: لأَنْ يَهْدِيَ اللَّهُ بِكَ رَجُلا وَاحِدًا، خَيْرٌ لَكَ أَجْرًا وَثَوَابًا مِنْ أَنْ تَكُونَ لَكَ حُمْرُ النَّعَمِ فَتَتَصَدَّقَ بِهَا.