يَقَعُ فِيهِ فَيُغَيِّرُهُ، فَهُوَ طَهُورٌ، وَإِنْ تَغَيَّرَ بِخَلِيطٍ يُمْكِنُ صَوْنُ الْمَاءِ عَنْهُ، كَالزَّعْفَرَانِ، وَالدَّقِيقِ، وَالْخَلِّ، وَاللَّبَنِ، وَنَحْوِهَا، فَهُوَ طَاهِرٌ، غَيْرُ طَهُورٍ إِذَا كَانَ التَّغَيُّرُ كَثِيرًا بِحَيْثُ يُضَافُ الْمَاءُ إِلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ قَلِيلا لَا يُضَافُ الْمَاءُ إِلَيْهِ، فَهُوَ طَهُورٌ.
وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: هُوَ طَهُورٌ، وَإِنْ كَثُرَ التَّغَيُّرُ.
قَالَ الإِمَامُ: وَفِي قَوْلِهِ: «إِنَّ الْمَاءَ طَهُورٌ» دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ غَيْرَ الْمَاءِ لَا يُطَهِّرُ، حَتَّى لَا يَجُوزُ الْوُضُوءُ بِشَيْءٍ مِنَ الأَنْبِذَةِ، لأَنَّ اسْمَ الْمَاءِ لَا يَقَعُ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ مُشْتَدًّا، فَهُوَ خَمْرٌ نَجِسٌ، وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَكَرِهَهُ الْحَسَنُ، وَأَبُو الْعَالِيَةِ.
وَقَالَ الأَوْزَاعِيُّ: يَجُوزُ الْوُضُوءُ بِجَمِيعِ الأَنْبِذَةِ.
وَقَالَ الثَّوْرِيُّ، وَأَبُو حَنِيفَةَ: يَجُوزُ بِنَبِيذِ التَّمْرِ عِنْدَ عَدَمِ الْمَاءِ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ: يُجْمَعُ بَيْنَ الْوُضُوءِ بِهِ وَالتَّيَمُّمِ، وَيُقَالُ: هَذَا قَوْلُ إِسْحَاقَ.
وَاحْتَجُّوا بِمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي زَيْدٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: " سَأَلَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ الْجِنِّ: مَا فِي إِدَاوَتِكَ؟، قُلْتُ: نَبِيذٌ، فَقَالَ: تَمْرَةٌ طَيِّبَةٌ وَمَاءٌ طَهُورٌ، فَتَوَضَّأَ مِنْهُ ".