بَكْرٍ يَتَكَلَّمُ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاتَّبَعَهُ أَبُو بَكْرٍ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَانَ يَسُبُّنِي، وَأَنْتَ جَالِسٌ، فَلَمَّا ذَهَبْتُ أَتَكَلَّمُ، قُمْتَ.
قَالَ: إِنَّ الْمَلَكَ كَانَ يَرُدُّ عَنْكَ، فَلَمَّا تَكَلَّمْتَ، ذَهَبَ الْمَلَكُ، وَوَقَعَ الشَّيْطَانُ، وَكَرِهْتُ أَنْ أَجْلِسَ، يَا أَبَا بَكْرٍ، ثَلاثٌ كُلُّهُنَّ حَقٌّ: لَيْسَ عَبْدٌ يُظْلَمُ بِمَظْلَمَةٍ، فَيُغْضِي عَنْهَا إِلا أَعَزَّ اللَّهُ بِهَا نَصْرَهُ، وَلَيْسَ عَبْدٌ يَفْتَحُ بَابَ مَسْأَلَةٍ يَبْتَغِي بِهَا كَثْرَةً إِلا زَادَهُ بِهَا قِلَّةً، وَلَيْسَ عَبْدٌ يَفْتَحُ بَابَ عَطِيَّةٍ يَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ اللَّهِ أَوْ صِلَةً إِلا زَادَهُ اللَّهُ بِهِ كَثْرَةً ".
قَالَ عَلِيّ: أملاه علينا سُفْيَان.
قلت: الِانْتِصَار عَن الْمَظَالِم جَائِز.
لقَوْله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلا مَنْ ظُلِمَ} [النِّسَاء: 148]، وَقَالَ عز وَجل: {وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ} [الشورى: 39].
وَلَكِن الصَّبْر أجمل، قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} [الشورى: 40]، وَقَالَ جلّ ذكره: {وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ} [الشورى: 41]، إِلَى أَن قَالَ: {وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ} [الشورى: 43]،