هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ
وَيُرْوَى: «إِنَّا نَرْكَبُ أَرْمَاثًا لَنَا فِي الْبَحْرِ»، وَالأَرْمَاثُ: جَمْعُ الرَّمْثِ، وَهِيَ خُشُبٌ يُضَمُّ بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ، وَيُشَدُّ ثُمَّ يُرْكَبُ.
قَالَ الإِمَامُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَوَائِدُ، مِنْهَا: أَنَّ التَّوَضُّؤَ بِمَاءِ الْبَحْرِ يَجُوزُ مَعَ تَغَيُّرِ طَعْمِهِ وَلَوْنِهِ، وَهُوَ قَوْلِ أَكْثَرِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَامَّةِ الْعُلَمَاءِ، وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو «كَرَاهِيَةُ الْوُضُوءِ بِمَاءِ الْبَحْرِ».
وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا نَبَعَ مِنَ الأَرْضِ، عَلَى أَيِّ لَوْنٍ وَطَعْمٍ كَانَ، جَازَ الْوُضُوءُ بِهِ، وَكَذَلِكَ مَا تَغَيَّرَ بِطُولِ الْمَكْثِ فِي الْمَكَانِ.
وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الطَّهُورَ هُوَ الْمُطَهِّرُ، لأَنَّهُمْ سَأَلُوا عَنْ تَطْهِيرِ مَاءِ الْبَحْرِ، لَا عَنْ طَهَارَتِهِ، وَلَوْلا أَنَّهُمْ عَرَفُوا مِنَ الطَّهُورِ الْمطهر، لَكَانَ لَا يَزُولُ إِشْكَالُهُمْ بِقَوْلِهِ: «هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ».
وَذَهَبَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ إِلَى أَنَّ الطَّهُورَ هُوَ الطَّاهِرُ فِي قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا} [الْفرْقَان: 48] حَتَّى جَوَّزُوا إِزَالَةَ النَّجَاسَةِ بِالْمَائِعَاتِ الطَّاهِرَةِ، مِثْلُ الْخَلِّ، وَمَاءِ الْوَرْدِ، وَالرِّيقِ، وَنَحْوِهَا، وَجَوَّزَ الأَصَمُّ الْوُضُوءَ بِهَا.
وَعِنْدَ بَعْضِهِمُ: الطَّهُورُ: مَا يَتَكَرَّرُ مِنْهُ التَّطْهِيرُ، كَالصَّبُورِ: اسْمٌ لِمَنْ